نعم تظافرت الأدلة الشرعية على حلية هذا النوع من الزواج ، لوجود المقتضي له من حاجة الإنسان في الموارد التي لا يتمكن فيها من ذلك ، فقد أنزل الله عزّوجلّ قرآنا يبين فيه هذا الزواج ، وهو قوله تعالى : ( فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً ) (١) ، حيث يذكر معظم مفسري العامة أن الاستمتاع المقصود في هذه الآية هو نكاح المتعة ، وقد صرحت مصادرهم بان حبر الأمة ابن عباس ، والقرّاء الكبار كأُبيّ بن كعب ، وسعيد بن جبير كانوا يقرأون هذه الآية بأضافة جملة : « أجل مسمى » فتكون الآية بالشكل التالي : ( فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ [ إلى أجل مسمىٰ ] فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً ) (٢) ، ومن هنا ندرك بأنه لا خلاف كبير بين المسلمين في أصل تشريعها في صدر الإسلام ، وإنما اختلفوا في نسخها ، حيث زعم العامة بأنها نُسخت أيام رسول الله صلىاللهعليهوآله !! وهو تبرير لما قام به عمر ، إذ الصحيح الثابت عند البخاري وغيره ممن هم حجة على العامة أن المتعة كانت معروفة ومعمولاً بها إلى زمان عمر ، وهو وحده الذي ابتدع تحريمها بمقولته التي ما أنزل الله بها من سلطان : « متعتان كانتا على عهد رسول الله وأنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما » (٣) جرأة منه على الله ورسوله ! وثمة أدلة كثيرة على أن تحريم هذا الزواج كان في عهد عمر وإنه لم تكن هناك أدنىٰ إشارة إلى تحريمها في زمان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ولا في زمان أبي بكر ، ولا في السنوات الأولى من تسلط عمر نفسه ، وهو ما شهد به إمامهم
______________
(١) سورة النساء : ٤ / ٢٤.
(٢) راجع الآية في تفسير ابن كثير ، وصحيح مسلم بشرح النووي ٣ : ٥٥٢.
(٣) تفسير الرازي ٢ : ١٦٧ ، شرح معاني الآثار : ٣٧٤ ، سنن البيهقي ٧ : ٢٠٦.