استشراف
|١|
ليس من الغريب أن يوجد الخلاف بين فرقتين ، ولا بين عدة فرق إذ هو دليل على قوة إرادة رائدي كل فرقة من هذه الفرق ، بل هو دليل على الإستقلال الفكري لكل عنصر من عناصر المجموعة وجميع أفرادها.
كما أنه في حد ذاته مرتكز أساسي لتطور علوم الإنسانية.
ولكن الغريب أن لا يكون هذا الخلاف في إطاره الواقعي ، وان يخلو ـ هذا الخلاف ـ من دواعيه واسبابه ... والذي هو اغرب من هذا وذاك ... هو أن يسمى الاتفاق خلافاً ... دون معرفة الواقع لأيهما هو ... وخصوصاً ممن يكون له قدرة معرفة مثل ذلك ... او ممن يعرف الواقع ومع ذلك يصفه ـ وهو خلال من الخلاف ـ بالخلاف.
إذ ربما كان الخلاف مما يزول بأدنى تأمل ... وقليل إمعان ممن يتصوره ليتبين له أن ذلك إنما كان تصوراً خاطئاً.
والأمر الأهم في ذلك ... أننا نعلم المعايير في ذلك ... ونعرف الاسباب ... ومع ذلك نتركها جانباً معولين على مرتكزاتنا الأولية ، والتي لم يبنها كل واحد منا على ما ينبغي أن يبنى عليه العلم والحقيقة.