............................................
__________________
محذور سار في مطلق موارد الأحكام الظاهرية ، واتّضح اندفاعه في محله.
نعم إذا كان التعبّد بالجواز على كلا تقديريه بنحو يكون كلاّ من تقديريه دخيلا في الحكم على تقدير تحقّقه ، بأن كان مباح الإكرام بما هو فاسق. أو بما هو ليس بفاسق كان ذلك ممتنعا لاحتمال كون الحكم الظاهري بالإباحة ثابتا لما يقطع بالحرمة بالنسبة إليه.
وكما يمتنع جعل الحكم الظاهري مع العلم بالخلاف ، كذلك يمتنع جعله مع احتمال انطباقه مع مورد العلم بالخلاف ، لتقدير موضوعه بغير العلم ، فلا يمكن الجزم به والحال هذه ، لأنّه مستلزم لاحتمال اجتماع المتنافيين وهو محال كالقطع به.
إذا عرفت ذلك نقول : إنّ الآن الثالث من الآنات الثلاثة يعلم فيه بتحقّق كلا الحادثين وارتفاع المتيقّن السابق.
وعليه فإذا فرض التعبّد بالعدم إلى زمان الحادث الآخر على أيّ تقدير أي : سواء كان هو الآن الثاني أو الآن الثالث ، فمرجع ذلك إلى احتمال جرّ العدم أي الآن الثالث مضافا إلى الآن الثاني ـ لأنّ عموم الاستصحاب بلحاظ الزمانين شمولي لا بدلي فخصوصيّة الزمانين ملحوظة فيه لا ملغاة ـ كما في مثل التعبّد بجواز إكرام زيد سواء كان فاسقا أم عادلا ـ فمرجع الإطلاق هاهنا إلى ملاحظة كلا الزمانين لأنه شمولي. والمفروض أنّ العدم أنّ العدم في الآن الثالث معلوم الارتفاع ، فيلزم سراية التعبّد أي زمان يعلم فيه بعدم بقاء المتيقّن ، فيكون من التعبّد بالشيء مع العلم بخلافه ، وقد عرفت امتناع احتماله كامتناع الجزم به ، لأنّه جمع بين المتنافيين. فكيف يحتمل أن يسري التعبّد بالعدم إلى زمان العلم بارتفاعه الملازم للعلم بعدم التعبّد به؟.
هذا إذا أريد جرّ العدم إلى زمان الحادث الآخر على كلا تقديريه بحيث أريد إبقاؤه إلى الآن الثالث.
وأما إذا لوحظ العدم بالإضافة إلى زمان الآخر مع قطع النّظر عن كونه في هذا الآن أو ذاك ، بل لوحظ بحياله ـ كما هو ظاهر الكفاية ـ فمن الواضح أنّه زمان واحد مردّد بين آنين أحدهما متصل بزمان المتيقّن والآخر منفصل ، فيتأتى إشكال عدم إحراز اتّصال زمان الشك بزمان اليقين.
والّذي يتحصّل : أنّه إن كان العدم ملحوظا بالنسبة إلى زمان الآخر بما هو أحد الزمانين الثاني أو الثالث بحيث أريد جرّه إليه أينما كان ، كان الإشكال فيه ما ذكرناه من احتمال مصادفته لمورد العلم بالخلاف ـ وهو الّذي تقدّم بيانه ـ وإن لوحظ بالنسبة إلى زمان الآخر الإجمالي مع قطع النّظر عن الزمانين الثاني والثالث ، جاء إشكال عدم إحراز تحقّق اتّصال زمان الشك بزمان اليقين الّذي هو ظاهر الكتاب. فالإشكال وارد على أيّ تقدير.
هذا غاية ما يقرّب به كلام صاحب الكفاية ، فتأمّل فيه وفي أطرافه فإنّه لا يخلو عن دقة.