........................................
__________________
ولكنّه كسابقه مما لا يمكن نسبته إلى المحقّق النائيني ( قده ) ، وذلك لأنّ لازمه عدم صحّة جريان أصالة عدم الكريّة إلى زمان الملاقاة لعدم كون موضوع النجاسة مركّبا بل مقيّدا كما عرفت. والأصل المزبور لا يثبت موضوع النجاسة إلاّ بالملازمة كما لا يخفى. مع أنّه ( قده ) التزم بجريانه وترتّب النجاسة عليه ، مما يصحّ نسبته إليه ( قده ).
التوجيه الثالث : أنّ موضوع الطهارة ـ بنظره ( قده ) ـ ليس هو الملاقاة المسبوقة بالكريّة ، بل هو ملاقاة ما كان كرّا في زمان سابق على الملاقاة ، فملاقاة الكرّ المتخصّص زمانه بهذه الخصوصيّة هي الموضوع للطهارة ولازمه أن يكون موضوع النجاسة هو ملاقاة ما ليس كرّا في زمان سابق على الملاقاة ـ أعمّ من كونه كرّا حال الملاقاة أو قليلا ـ.
وعليه فاستصحاب عدم الملاقاة في زمان القلّة لا يجدي في إثبات الطهارة ولا نفي النجاسة إلاّ بالملازمة كما هو واضح. ولا معنى لجريان الأصل في عدم الملاقاة في زمان عدم الكريّة في زمان سابق على الملاقاة ، فإنّه خلف ولا محصّل له كما لا يخفى.
وأما استصحاب عدم الكريّة إلى زمان الملاقاة لإثبات النجاسة فلا مانع منه لأنّ مرجعه إلى استصحاب عدم الكريّة في الزمان السابق على الملاقاة ، فيثبت موضوع النجاسة ، وهو الملاقاة الثابتة بالوجدان وعدم الكريّة في زمان سابق عليها الثابت بالأصل.
وهذا التوجيه متين ولا يخلو عن دقّة.
ولكنّه إنّما ينفع في الحكم بالنجاسة على مسلك المحقّق النائيني الّذي التزم بصحّة الاستصحاب في مجهولي التاريخ في نفسه.
وأما على ما حقّقناه من عدم صحّته في نفسه ـ لا من جهة المعارضة ـ فلا أثر لهذا البيان ، لأنّ غايته عدم جريان استصحاب عدم الملاقاة في زمان القلّة ، إلاّ أنّه كما لا يجري هذا الأصل لا يجري الأصل الآخر المثبت للنجاسة وهو عدم الكريّة إلى زمان الملاقاة. وإذا لم يجر الاستصحاب في كلا الطرفين فالمرجع قاعدة الطهارة.
هذا كلّه بالنسبة إلى ما أفاده في صورة الجهل بتاريخهما.
وأما صورة الجهل بتاريخ الكريّة والعلم بتاريخ الملاقاة فقد عرفت منّا ومنه أن الحكم هو النجاسة ، فلا كلام.
وأما صورة الجهل بتاريخ الملاقاة والعلم بتاريخ الكريّة ، فقد عرفت أنّه ( قده ) حكم بالنجاسة بعد عدم جريان كلا الأصلين ، لتمسّكه بالعامّ الدال على لزوم الاجتناب على كل ما لاقى نجسا الّذي خرج منه عنوان وجودي وهو الكرّ ، للقاعدة التي أسّسها وبنى عليها كثيرا من الفروع الفقهية ، وهي أنّه إذا ورد عام يتكفّل حكما إلزاميا وخصّص ذلك العام بعنوان وجودي ، فمع عدم إحراز العنوان.