............................................
__________________
الرابعة : ذكر المحقّق الأصفهاني (ره) عند تعرّضه لما أفاده صاحب الكفاية في المورد الّذي يطلب فيه اليقين ، وأنّ الاستصحاب لا ينفع في ذلك ، ذكر أنّ استصحاب الأمور المجعولة شرعا كالإمامة يرجع إلى جعلها بجعل مماثل للواقع واعتبار آخر غير الواقع وليس مجرد الإلزام بترتيب الأثر ، وعليه فمع جريان الاستصحاب يحصل اليقين بالإمامة الظاهرية المجعولة ، فيكون الاستصحاب مجديا إذا فرض أنّ المعتبر لو تعلّق إليه بالإمامة أعمّ من وجودها والواقعي.
وأما جريان الاستصحاب لأجل لزوم تحصيل اليقين فهو ممنوع لأنّ اليقين بالإمامة ( بالحياة ) رافع لموضوع الاستصحاب ، فيلزم أن يقتضي الاستصحاب ما يرفع موضوعه ويستلزم عدمه فيكون مما يلزم من وجوده عدمه وهو محال. وما أفاده ( قده ) صدرا وذيلا لا يرد على ناحية واحدة. فإنّ محطّ النّظر في الصدر إلى الجدوى في جريان الأصل من ناحية سقوط التكليف بوجوب تحصيل اليقين إذ مع حصول اليقين قهرا لا معنى للأمر بتحصيله. ومحطّ النّظر في الذيل إلى ناحية حدوث التكليف وبتحصيل اليقين مع أنّ ظاهر كلامه هو أنّ ما نفاه في الذيل عين ما أفاده في الصدر ، فيكون خلطا بين المقامين.
ثم أنّ ما أفاده في نفي جريان الاستصحاب لأجل ترتيب لزوم تحصيل اليقين من استلزام وجود الاستصحاب لعدمه غير تام ، إذ يرد عليه أنّه لا إشكال في جواز أمر الشاك بشيء بتحصيل اليقين به ورفع شكّه فيقال : إذا شككت في وجود زيد وجب عليك تحصيل اليقين به. والسرّ فيه : أنّ المترتّب على الاستصحاب ليس هو اليقين بل الأمر به وهو لا ينفي الشك ، نعم امتثاله ينفي الشك ولكنه متأخّر عن الأمر ، وارتفاع الشك بقاء لا يمنع من جريان الاستصحاب حدوثا. نعم لو كان الاستصحاب يقتضي ارتفاع الشك حدوثا جاء المحذور ولكن الأمر ليس كذلك بل المرتفع هو الشك في مرحلة البقاء وهو خال عن المحذور كيف ، وكثير من موارد الاستصحاب كذلك ، كما لو استصحب عدم الإتيان بالواجب فجاء به أو استصحب الحدث فتطهّر ، فإنّ الشك يرتفع بعد امتثال الحكم الظاهري ، فانتبه.
الخامسة : أنّ السيد الخوئي نفي الاستصحاب في الأمور الاعتقادية لأجل تقيّد الموضوع بالعلم فلا يلزم الاعتقاد والمعرفة إلاّ بالأمر المعلوم.
ولا يخفى أنّ ما أفاده لو فرض تسليمه لا يرتبط بأيّ ارتباط بموضوع الكلام بين الاعلام في المقام نفيا أو إثباتا. نعم هو التزام مستقل يترتّب عليه عدم جريان الاستصحاب. هذا مع أنّه كان ينبغي أن يتنبّه على عدم قيام الاستصحاب في المقام مقام العلم المأخوذ في الموضوع ، وإلاّ فمجرد كون العلم مأخوذا في الموضوع لا ينفي جريان الاستصحاب إذا كان يقوم مقام العلم ، فتدبّر.
وكيف كان فقد عرفت منع جريان الاستصحاب في الأمور الاعتقادية المطلوب فيها الاعتقاد أو المعرفة ، كالإمامة ومنه يظهر الحال في النبوة.
وتحقيق ذلك : إنّ المقصود بالنبوة التي يراد استصحابها إما نفس المزيّة الخاصة النفسيّة الثابتة