قال في الميزان : « قال بعضهم : إن في أمره بالحكم بالحقّ ، ونهيه عن اتّباع الهوى تنبيهاً لغيره ممن يلي أُمور الناس أن يحكم بينهم بالحقّ ولا يتّبع الباطل ، وإلّا فهو عليهالسلام من حيث إنّه معصوم لا يحكم إلّا بالحقّ ولا يتّبع الباطل ».
وقد وافق السيّد الطباطبائي على ذلك ، وجعل العصمة غير مانعة من توجيه التكليف والنهي إلى المعصوم عليهالسلام ، فقال معقّباً :
« وفيه : أنّ أمر تنبيه غيره بما وجِّه إليه من التكليف في محلّه ، لكنّ عصمة المعصوم وعدم حكمه إلّا بالحقّ لا يمنع توجّه التكليف بالأمر والنهي إليه ، فإنّ العصمة لا توجب سلب اختياره .. » (١).
ونكتفي بهذا القدر مذكّرين بوجود جوابات مطوّلة في إثبات ما ادّعاه المخطئة بشأن داود عليهالسلام ، وما زعمه الأستاذ علي حسين السائح المغربي حول تلك المسألة مع ربطه لبعض أحاديث الكافي بذلك (٢).
استدل نفاة العصمة المطلقة والمخطئة على عدم عصمة نبي الله سليمان عليهالسلام بموردين من الكتاب العزيز ، وهما :
المورد الأوّل : قوله تعالى : ( إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ * فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي حَتَّىٰ تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ * رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ ) (٣).
___________
(١) الميزان ١٧ : ١٩٥.
(٢) راجع في ذلك دفاع عن الكافي / الدكتور ثامر العميدي ١ : ٤٩٤ ـ ٥٢٦ ففيه تفصيل واسع لكلّ الشبهات التي أُثيرت حول حديثي الكافي وعصمة داود عليهالسلام ، وقد اقتبسنا ما ذكرناه بشأن مفترياتهم حول عصمة النبي داود عليهالسلام منه.
(٣) سورة ص : ٣٨ / ٣١ ـ ٣٣.