ومن ذلك ما رواه الشيخ الصدوق رحمهالله بإسناده إلى الإمام موسى بن جعفر عليهالسلام عن أبيه ، عن جدّه ، عن علي بن الحسين عليهالسلام قال : « الإمام منّا لا يكون إلّا معصوماً .. فقيل يا بن رسول الله فما معنى المعصوم ؟ فقال : هو المعتصم بحبل الله ، وحبل الله هو القرآن لا يفترقان إلى يوم القيامة : والإمام يهدي إلى القرآن ، والقرآن يهدي إلى الإمام ، وذلك قول الله تعالى : ( إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ) (١) » (٢).
وأيضاً بإسناده إلى هشام بن الحكم قال : « سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن ذلك ( أي معنى الإمام لا يكون إلّا معصوماً ) فقال : المعصوم هو الممتنع بالله من جميع محارم الله ، وقد قال الله تعالى : ( وَمَن يَعْتَصِم بِاللهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) (٣) » (٤).
يرى بعض المعتزلة أنّ العصمة راجعة إلى اللطف فيكون المعنى ، عصمهُ حين يمنع معه وقوع فعل المعصية على وجه الحكم ، وهذا النوع من اللفظ خاصّ بالأنبياء عليهمالسلام ، يقول القاضي عبدالجبّارالمعتزلي ( ت / ٤١٥ ه ) ( والأسامي تختلف عليه فربما يسمّى توفيقاً وربما يسمّى عصمة إلى غير ذلك ) (٥).
لذلك فهو يُعرّف العصمة بأنّها : ( عبارة عن لطف يقع معه الملطوف فهي لا محالة حتّى يكون المرء معه كالمدفوع إلى أن لا يرتكب الكبائر ، ولهذا
___________
(١) سورة الإسراء : ١٧ / ٩.
(٢) معاني الأخبار / الشيخ الصدوق : ١٣٢ / ٢.
(٣) سورة آل عمران : ٣ / ١٠١.
(٤) معاني الأخبار : ١٣٢.
(٥) شرح الأُصول الخمسة / القاضي عبد الجبار المعتزلي : ٥١٩.