كانت هذه الأشياء منفرة بالعادة (١).
من هنا نستكشف أن كل ما يقدح في صاحب هذا المقام ، يقدح في الامتثال ويزحزحه ، فلابد أن يكون المعصوم مؤيداً بالبعد عن جميع ما يكون منفراً عنه مبعداً ، هذا أقرب للوقوع من إظهار المعجز.
إنه لو جاز للمعصوم أن يعصي لوجب إيذاؤه والتبرؤ منه ، لأنه من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، لكن الله تعالى نص على تحريم إيذاء المعصوم عليهالسلام فقال : ( إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا ) (٢).
وفي ذلك يقول العلّامة الحليّ رحمهالله : ( إنّه إذا فعل معصية وجب الإنكار عليه لعموم وجوب النهي عن المنكر وذلك يستلزم إيذاءه وهو منهي عنه وكل ذلك محال ) (٣).
وما نلاحظهُ كذلك عند السيد الشهيد القاضي نور الله التستري ( ت / ١٠١٩ ه ) حيث ردّ على أدلة منكري عصمة الأنبياء عليهمالسلام بدليله على عصمتهم عليهمالسلام من خلال عدم صدور الذنب عنهم فقال : ( إن صدر عنهم ذنب وجب زجرهم وتعنيفهم لوجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وإيذائهم
___________
(١) المصدر نفسه : ٢٦٠ ـ ٢٦١ ، ومناهج اليقين / العلّامة الحلّي : ٤٤٧.
(٢) سورة الأحزاب : ٣٣ / ٥٧.
(٣) كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد : ٣٧٦ ، ومناهج اليقين : ٤٢٦ ، وانطلق الفخر الرازي في القول بعصمة الأنبياء عليهمالسلام من هذا الدليل في كتابه عصمة الأنبياء : ١٠.