كلمة المركز
الحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على نبيّنا محمد وآله الطاهرين.
مهما تعددت الدراسات الإسلامية وتنوعت مناهجها تبقى قاصرة عن بلوغ أهدافها ما لم تتخذ من السيرة المعصومة قبساً ينير لها الطريق ، من منطلق كونها الحارسِ الأمين الذي اختاره الله عزّ وجلّ بلطفه لحراسة دينه بالحفاظ على كتابه وسنة نبيه صلىاللهعليهوآله من عبث الأهواء وتطرف الآراء ، والوقوف بحزم إزاء كل ما يهدد الدين من اخطار ، وفضح كل انحراف أو تطرف يسيء إلى الدين باسمه. وأما التمسك بالسيرة غير المعصومة فلا يفيد شيئاً بل على العكس سيكون من أكبر عوامل الهدم والتخريب لقيم الإسلام ومثله العليا ، لأنّها مهما بلغت درجة أصحابها ، ومهما اتسعت حركتها في الواقع من خلال تحكمها بالسلطة لايمكن أن تكون مقياسا للحق والتطور ، مادام وقوع أصحابها في الخطأ محتملاً ، وهذا منفي عن السيرة المعصومة المعبرة عن الدين من واقع وعيها الكامل بالدين كلّه ، وإذا كانت قد اعيقت من الوصول إلى مواقع السلطة التي تحركها في الأمة أكثر وأكثر ، فإنّ أصحابها قد تحركوا باتجاه آخر وضحوا بمواقعهم من أجل بقاء الإسلام فاتّجه اصلاحهم الى الداخل باشعار المؤمنين بأن الوضع الذي انتاب الأمة بعد غياب الرسول صلىاللهعليهوآله كان وضعاً فاسداً منحرفاً لايقيم للحق وزناً إذا ما اصطدم برغبات الزعامة القبلية المقيتة التي افرزتها السقيفة المشؤومة ، وأنه لابدّ من مواجهته فكرياً والإطاحة به ، وإدراك أن كل بلاء قد انفتح بعد ذلك على الأمة كان نتيجة منطقية لذلك الوضع المنحرف الذي أثر وبشكل مباشر على الخط الطويل لرسالة الإسلام.
لقد انطلق الخط الرسالي من مسلّمة بدهية تتلخص بوجوب القضاء على الخط المنحرف فكرياً ضمن خطوات علمية متقنة ، والعمل على تزييف آثاره وتطويقها كي لايستشري وباؤها الوخيم في جسم الأمة ويصيب الإسلام في الصميم ، والمثابرة الدؤوبة في توضيح مساوئ الوجه المشوّه الذي قدمته تلك الزعامات المزيفة على أنه الوجه المعبر عن الإسلام ، لكي لا ينخدع أحد بتلك الوجوه التي تصدت للزعامة بلا أهلية ، وإن روجت أتباعها لها بأنها ظاهرة الصلاح وقائدة الفلاح ، وإلّا سوف تفشل محاولات الإصلاح في مواجهة الانحراف وتفادي كل اخطاره التي استشرت في جسد الامة وعصفت رياحها السوداء القاتمة بوضح النهار وأحالته بعنجهيتها وجهلها المعهودين الى سواد حالك حتى كادت أن تطيح بمثل الاسلام وقيمه سيما في بداية انطلاقها ثم عنفوان همجيتها في دولة الطلقاء ، تلك الدولة التي أخلت كثيراً بتوازن المجتمع الإسلامي تجاه ما يحيط به من تحديات وأخطار كثيرة.