وإذا كان الأمر كما يزعمون فلماذا عدّها إبراهيم عليهالسلام في حديث الشفاعة ـ المكذوب هو الآخر ـ ذنوباً لنفسه مانعة له عن القيام بأمر الشفاعة مع اعتذاره عنها ؟ في الوقت الذي يجب أن تكون ـ بخصلتيها ـ من حسناته في الدين لو جاز له أن يكذب لمصلحته (١).
وبهذا يظهر تهافت الخبرين مع ما ذكرناه من مخالفة مضمونهما لاستعمالات لغة العرب في المجادلة والمخاصمة ، مع مخالفته أيضاً للدليل العقلي ، وأما عن الأخبار الواردة عن أهل البيت عليهمالسلام في ذلك ، فهي صريحة بنفي الكذب عن إبراهيم ويوسف عليهماالسلام خلافاً لما نسبته المخطئة لهما عليهماالسلام ، فمن ذلك :
ما رواه أبو بصير ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : « قيل له وأنا عنده : إن سالم بن حفصة يروي عنك إنّك تكلّم على سبعين وجها لك منها المخرج ؟
فقال عليهالسلام : ما يريد سالم مني ، أيريد أجيء بالملائكة ؟! فوالله ما جاء بهم النبيّون ، ولقد قال إبراهيم : ( إِنِّي سَقِيمٌ ) ، ووالله ما كان سقيماً وما كذب ، ولقد قال إبراهيم : ( بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ ) وما فعله كبيرهم وما كذب ، ولقد قال يوسف : ( أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ ) (٢) والله ما كانوا سرقوا وما كذب » (٣).
وعن الإمام الصادق عليهالسلام في قوله تعالى حكاية عن إبراهيم : ( بَلْ فَعَلَهُ
___________
(١) ولمزيد الاطلاع على تكذيب ما نسب إلى إبراهيم عليهالسلام ينظر : التبيان / الشيخ الطوسي ٧ : ٢٥٩ ـ ٢٦٠ و ٨ : ٥١٠ ، ومجمع البيان / الطبرسي ٧ : ٩٧ ، و ٨ : ٣١٧ ، وجوامع الجامع / له أيضاً ٢ : ٥٢٩ ، والميزان ٧ : ٢٢٧ ـ ٢٢٨.
(٢) سورة يوسف : ١٢ / ٧٠.
(٣) تفسير العيّاشي ٢ : ١٨.