يميل إليه الباحث من أن المراد بهذا النوع من التكليم هو : التكليم الخفي من دون أن تتوسط بينه تعالى وبين النبي أصلاً (١).
والواضح من خلال هذه الوجوه المتعددة في التعبير عن هذه الصورة أن كون الوحي بهذا المعنى من الإلهام والقذف في القلب أو الروع وكونه مناماً ـ كما سيأتي ـ يخرجه عن الاختصاص بالأنبياء عليهمالسلام وحدهم ، إذ وردت الإشارة إلى أنه أوحي إلى أم موسى عليهالسلام والحواريين وغيرهم.
انطلاقاً من اتفاق المفسرين تقريباً على أن هذه الصورة من الوحي يدخل تحتها الإلهام والقذف في القلب أو الروع وما يكون في المنام ، فإننا نجد أن جميع الأنبياء قد أوحي إليهم بواحدة من هذه الطرق وبضمنهم موسى عليهالسلام ونبينا صلىاللهعليهوآله وإن عُبّر عن موسى بأنه كلم الله فهذا التكليم كان ما أوحي فيه حالات محددة تختلف عنها تلك التي ذكر فيها الوحي إليه بصيغة ( الوحي ) المطلقة وليس بالتكليم ، أو إرسال الرسول ، وهذا ينطبق أيضاً على نبيّنا صلىاللهعليهوآله.
وخلاصة القول أن المفسرين يدخلون تحت الصورة الأولى من صور تكليمه تعالى في آية الشورى كل الطرق التي لا تدخل ضمن حدود التكليم من وراء حجاب وإرسال الرسول الملكي ، فكان الإلهام والقذف في القلب والرؤيا والوحي المباشر دون واسطة أو حجاب ـ كما كان للرسول صلىاللهعليهوآله ليلة المعراج ـ داخلاً ضمن هذه الصورة ، وإن عدّ بعض المفسرين الرؤيا في المنام
________________
(١) الميزان ١٨ : ٧٣.