الصورتين الأخريين من
التكليم وإرسال الرسول ، لأنّ الأولى خصت بموسى عليهالسلام
، والثانية قيدت بوساطة الرسول الملكي. والقرآن الكريم يذكر الوحي الحاصل في
هذه الصورة والذي تنعدم فيه الوسائط بعدة صيغ كالوحي ، والمناداة ، والقول ، والتفهيم .. إلخ. وهي صيغ اتفق المفسرون على إدخالها ضمن الصورة الأولى من صور الوحي المنصوص عليها في الآية الثانية والأربعين من سورة الشورى. وقد عُبّر بها عن الإلقاء إلى الأنبياء عليهمالسلام ، ومنهم حسب التسلسل
التاريخي : ١ ـ
نوح عليهالسلام
: وقد ورد ذكر الوحي صريحاً إليه في عدة آيات ، أشارت بعضها إلى حالات وحي خاص بيّنته ، كالوحي إليه بصنع السفينة قال تعالى : ( فَأَوْحَيْنَا
إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا ) (١)
، وقد فسر الطبري قوله تعالى : ( فَأَوْحَيْنَا
إِلَيْهِ )
( بالقول ) دون بيان كيفيته فمعنى الآية عنده ( فقلنا له حين استنصرنا على كفرة قومه : اصنع الفلك ... ) (٢)
، ويبدو أن الطبري يشير هنا إلى وقوع هذا الوحي بلا واسطة حين عبر عنه بالقول الذي يتضمن معنى المباشرة. وقد أيد الشيخ الطوسي والعلّامة الطبرسي
والزمخشري وغيرهم كون الوحي هنا بمعنى تعليمه عليهالسلام
كيفية صنع السفينة (٣). ________________الصيغة الأولى ـ الوحي :
(١) سورة المؤمنون : ٢٣ / ٢٧.
(٢) جامع البيان ١٨ : ٦٣.
(٣) انظر : التبيان ٧ : ٣٢٠ ، ومجمع البيان ٤ : ١٠٤ ، والكشاف ٣ : ٣٠.