الفصل الأوّل الوحي الإلٰهي يتأكّد لدينا من خلال البحث أن هذه
النسبة ضرورة لا بديل آخر عنها ، لأنّه بلا نسبة الوحي بكلّ ما يمثَّله ويحمله من خصائص إلى الله تعالى فإنّنا لا نجد أيّة جهة أُخرى يمكن أن تنهض صفاتها وتَتَلاءم إمكانياتها مع ما في الوحي من خرق لكلّ مستويات القدرة المحدودة ، لأنّه يُسْتَمَدُّ من قدرة مطلقة تتعالى على القدرات البشرية أو أية نسبة أُخرى ، فما يأتي به الوحي من معارف وأعمال لا يمكن أبداً تفسيره إلّا بإثبات أن الوحي ( كلام سماوي غير مادي ليس للحواس الظاهرية والعقل أن تصل إليه ) (١)
، وذلك لأنّ نوع ما يأتي به الوحي من تلك المعارف والعلوم لا يُعلم إلّا من أربعة أوجه (٢). إما بمشاهدة الحال ، أو قراءة الكتب ، أو
تعليم بعض العباد ، أو بِوَحْي من الله ، وقد بطلت الأوجه الثلاثة الأولى بأنّها لم تكن حاصلة ، فصحَّ أنّها بوحي إلٰهي ، قال تعالى : (
وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ) (٣). ________________
أوّلاً ـ نسبته إليه تعالى :
(١) القرآن في الإسلام / الطباطبائي : ٨٩.
(٢) انظر : التبيان / الطوسي ٢ : ٤٥٨.
(٣) سورة النساء : ٤ / ٨٢.