ووصفوه بصفات المخلوقين ! وأما ما يسمعه المُكَلّم من الكلام فيكون بفعله تعالى الكلام في جسم محتجب على المكلم فهو يسمع الكلام ولا يعرف محله على طريق التفصيل ، فيقال : إنه كلم من وراء حجاب فهو تعالى لا يحجبه حجاب ولا يستر بستر مادي ، ... عن محمد بن زيد ، عن الإمام الرضا عليهالسلام قال : « ... احتجب بغير حجاب محجوب ، واستتر بغير ستر مستور ، عرف بغير رؤية ، ووصف بغير صورة » (١) وأحاديث أهل البيت عليهمالسلام في هذا المعنى كثيرة جداً.
تبين لنا مما سبق أن التكليم من وراء حجاب هو وحي خاص تميز عن مطلق الوحي للأنبياء عليهمالسلام ، أما من خص بهذه المرتبة من الوحي فإنّ الآيات الكريمة ظاهرة باختصاص موسى عليهالسلام بذلك ، قال تعالى : ( ... وَكَلَّمَ اللهُ مُوسَىٰ تَكْلِيمًا ... ) (٢) ، وقال تعالى : ( وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ... ) (٣).
فالتكليم من وراء حجاب كان ـ في تلك الآيات الشريفة ـ لموسى عليهالسلام بلا خلاف ، ولا يمنع هذا من أن يختص غيره بذلك ، كما هو الحال في تكليم نبينا الأعظم صلىاللهعليهوآله.
عن الإمام علي الهادي عليهالسلام أنه سئل عن الآية ( أَوْ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ) فقال : « كما كلّم الله نبيه صلىاللهعليهوآله ، وكما كلّم موسى عليهالسلام من النار » (٤) ، وكذلك التكليم
________________
(١) التوحيد / الصدوق : ٩٨.
(٢) سورة النساء : ٤ / ١٦٤.
(٣) سورة الأعراف : ٧ / ١٤٣.
(٤) تفسير القمي ٢ : ٢٧٩.