فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ ) (١).
المرّة الثانية : كانت عن مواعدة مع موسى ، وكانت في الوضع نفسه الذي تقدس بكونه موضع التكليم والتجلي ، قال تعالى : ( وَوَاعَدْنَا مُوسَىٰ ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ) إلى قوله تعالى : ( وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ ... ) (٢).
وفي هذه المرة سأل موسى ربه الرؤية ، وأثبت له تعالى استحالتها وشاهد تجليه تعالى للجبل ، قال تعالى : ( قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَٰكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا ... ) (٣).
وفيها أخبر بتفضيله على الناس في زمانه جميعاً بالرسالة ، وباستماعه كلامه تعالى مما لم يكن لأحد من البشر قبله ، قال تعالى : ( قَالَ يَا مُوسَىٰ إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي .. ) (٤).
وفيها أعطي الألواح التي فيها شريعته ، وكلف تبليغها إلى بني إسرائيل قال تعالى : ( وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِّكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ ) (٥).
٥ ـ إن هذا التكليم مرتبة من مراتب القرب من الله تعالى عبر عن كيفيتها
________________
(١) سورة طه : ٢٠ / ٣٧ ـ ٣٩.
(٢) سورة الأعراف : ٧ / ١٤٢ ـ ١٤٣.
(٣) سورة الأعراف : ٧ / ١٤٣.
(٤) سورة الأعراف : ٧ / ١٤٤.
(٥) سورة الأعراف : ٧ / ١٤٥.