بصورتين إضافة إلى صيغة التكليم هما :
أ ـ النداء : كقوله تعالى : ( فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِن شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ ) (١).
ب ـ المناجاة : كقوله تعالى : ( وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا ) (٢). وفي قوله تعالى ( نَجِيّاً ) قيل : إن معناه أنه تعالى اختصه بكلامه بحيث لم يسمعه غيره ، إذ يقال ناجاه مناجاة : إذا اختصه بإلقاء كلامه إليه (٣).
إلّا أن من المفسرين من يفهم المناجاة هنا فهماً مادياً مرتبطاً بالمكانية فكأنّه تعالى قربه منه مكاناً ، فعن ابن عباس وسعيد بن جبير : أنه قرب حتى سمع صريف القلم (٤).
واعتمد مجاهد في فهمه للمناجاة والقرب بهذه الحدود المادية على المعنى الذي يراه للحجاب الذي يكلّم من ورائه كما تشير آية الشورى ، فإنّ معنى قوله تعالى : ( وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا ) عنده : أنه تعالى قربه إلى ما ( بين السماء الرابعة أو قال السابعة ) سبعون ألف حجاب ، حجاب نور وحجاب ظلمة .. فما زال يقرب موسى حتى [ بَقيَ ] بينه وبينه حجاب وسمع صريف القلم قال : ( رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ). (٥)
ولا شك أن قيام الحجاب في هذا التكليم مانع من صرف المناجاة
________________
(١) سورة القصص : ٢٨ / ٣٠.
(٢) سورة مريم : ١٩ / ٥٢.
(٣) التبيان / الطوسي ٧ : ١١٨.
(٤) جامع البيان / الطبرسي ١٦ : ٧١.
(٥) جامع البيان ١٦ : ٧١.