أن ينقل إليهم ما يوحيه تعالى إليه بإذنه ، ولكن من التأويل البعيد أن يكون المراد تحديداً بالرسول في قوله تعالى : ( أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا ) هو الرسول البشري المبعوث إلى أمة معينة. ومما يستدل به على كون ذلك بعيداً :
إنّ هذه الآية في سورة الشورى في مقام بيان طرق التكليم ( الوحي ) الإلٰهي للبشر على سبيل الحصر والتحديد الحاسم ، بدليل استخدام أداة الحصر ( إلّا ) مما يعني أنه لايمكن أن يكون هناك وحي إلهي إلّا وهو واقع ضمن أحد هذه الصور.
فإذا كان المراد بالصورة الأولى بالوحي هو الإلهام والقذف في الروع .. إلخ ، وبالصورة الثانية خصوص التكليم من وراء حجاب مما كان لموسى عليهالسلام ونبينا صلىاللهعليهوآله فيما انتفى فيه الحجاب ، فإن القول بأن المراد بالرسول في قوله عن الصورة الثالثة ( أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا ) بأنه مخاطبة الأنبياء لأممهم أو قراءة قراء الوحي على الناس يخرج من طرق الوحي ـ لأنّ الآية في مقام الحصر ـ أهم تلك الصور على الإطلاق وأكثرها وروداً في الوحي الإلٰهي إلى الأنبياء عليهمالسلام وهي الوحي بنزول الملك والتي لايمكن أن تضرب الآية عنها صفحاً ولا تشملها بالتحديد ، وهي الطريقة التي نزل بها أساس ما وصل إلينا من وحي الهي على الإطلاق ، وهو القرآن الكريم.
إلّا أن من الممكن أن يكون احتمال شمول
الآية لكلا النوعين من الرسل وارداً ، خصوصاً إذا علمنا أن هناك من يقرأ ( فيوحى ) على صيغة المبني للمجهول فيدخل حينئذٍ كلا الاحتمالين بحيث يصبح المراد بالرسول