الفصل الثاني
الوحي المحمدي
يحمل الوحي المحمدي بين ثناياه ملامح أعظم معجزة عرفها التاريخ الديني الإنساني صوّرت لنا مراحل ومواقف تاريخية لم يكن لبشر أن يجمع بينها ، أو يتوصل إلى ماهيتها إلّا بوحي إلٰهي مخصوص متميّز عن كل وحي سابق عليه. فالوحي المحمدي جمع بين كل صور الوحي للأنبياء ، ونقل ـ وهو بنفسه وحي إلهي ـ ما كان قبله من وحي ، وقص ما كان من قصص الأنبياء مع أممهم وشعوبهم ، وبين مراحل دعواتهم ، بل نقل حواراتهم ومخاطباتهم مع قطبي نبواتهم : الله تعالى في تلقيهم الوحي عنه ، والناس الذين نقلوا إليهم الوحي الإلٰهي.
فبالإضافة إلى كون القرآن الكريم بوصفه
بناءاً متكاملاً بكل ما فيه هو وحي محمدي أوحِيَ حرفاً حرفاً إلى الرسول صلىاللهعليهوآله
، وما تحمله هذه الميزة من خصوصية فإنّ الوحي المحمدي نفسه يحتل من القرآن الكريم موقع الصدارة كمّاً ومرتبةً وأفضلية بخصائصه وأشكاله. والأكثر من هذا أن ذكر القرآن الكريم لأي وحي إلى الأنبياء الآخرين يرد دائماً إما مدخلاً للوحي المحمدي ، أو خاتمة للدلالة عليه ، قال تعالى : (
إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا