٢ ـ إن الوحي كان ينزل بحسب الوقائع والأحداث كجواب على أسئلة المسلمين أحياناً ، كما ينزل أحياناً أخرى حين يستشكل على الرسول مسائل لم ينزل بها سابق وحي.
٣ ـ ضرورة التدرّج في نزول الأحكام والتعاليم من الأسهل إلى السهل ومن السهل إلى الأصعب ، مجاراة لرسوخ تعاليم الدين الجديد في قلوب المؤمنين شيئاً فشيئاً ، ولما في الأحكام من ناسخ ومنسوخ يقتضي النزول مفرقاً لبيان كل منهما ، حيث ينزل بحسب الوقائع المقتضية ثم ينسخ الحكم أو الآية لانتفاء ضرورتها ، أو لأنّ ما أريد من نزولها قد تحقّق أو تسهيلاً على المكلّفين.
وذلك بنزوله بالشكل الذي هو عليه بين الدفتين بمجموع ما فيه من سور وآيات تمثّل النص الموحى الملقى من قبل جبريل عليهالسلام على النبي صلىاللهعليهوآله طيلة فترة نزوله. وفي الكتاب الكريم ما يدلّ على نزوله بهذه الصورة جملة واحدة ، قال تعالى : ( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) (١) ، وقال تعالى : ( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ) (٢).
ومن المفسرين من يرى أن هذا النزول المقصود في هذه الآيات وأمثالها يقصد به نزوله قبل أن يلقى إلى النبي صلىاللهعليهوآله بمصاديق مختلفة في ذلك : فعن ابن عباس أنه قال : ( أُنزِل القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا في ليلة القدر ، ثم كان ينزله جبريل على
________________
(١) سورة القدر : ٩٧ / ١.
(٢) سورة البقرة : ٢ / ١٨٥.