ويفهم ذلك من خلال الروايات الواردة عن
( فترة الوحي ) التي تأخّر فيها عن الرسول صلىاللهعليهوآله
بعد إخباره له باختياره للنبوة. فقد روى ابن هشام في السيرة أن هذه الرؤية كانت بعد نزول آية ( اقْرَأْ ) من سورة العلق في غار حراء بينما كان الرسول صلىاللهعليهوآله
نائماً. يروي ابن هشام أنّه صلىاللهعليهوآله
قال : «
... فخرجت حتى إذا كنت في وسط من الجبل سمعت صوتاً من السماء يقول : يا محمد أنت رسول الله وأنا جبريل. قال صلىاللهعليهوآله : فرفعت
رأسي إلى السماء أنظر فإذا جبريل في صورة رجل صاف قدميه في أفق السماء يقول : يا محمد أنت رسول الله وأنا جبريل قال صلىاللهعليهوآله : فوقفت
أنظر إليه فما أتقدم أو أتأخر وجعلت أصرف وجهي عنه في آفاق السماء ... فلا أنظر في ناحية منها إلّا رأيته كذلك ... »
(١). وقد نقل الطبرسي هذه الرواية بنفس
الصيغة ولكنها خلت من الإشارة إلى كونه في صورة رجل (٢). ٣ ـ
أن يَنفُثَ المَلَك جبريل عليهالسلام
الوحي في رُوع النبي ( وعَبَّر عن ذلك بقلبه أيضاً ) نفْثاً ، وفي هذه الحالة فإنّ الرسول صلىاللهعليهوآله
يحُسّ أن معنى جديداً لم يسبق حدوثه له قد وعاه قلبه وعقله ، وهذه الحالة تنعدم فيها المواجهة بين الملك والرسول فهو صلىاللهعليهوآله
لا يرى الملك ولا يسمع صوت الوحي وإنّما يجد تلك المعارف في نفسه ، ويعلم أن الملك نفثها في رُوعِه ، قد عبر بعض الباحثين عن هذه الحالة بأن الرسول صلىاللهعليهوآله
فيها ( يتلقى عِرفاناً يقينياً بغير صوت ) (٣). ________________الثانية ـ تمثّله في صورة بشرية غير معروفة :
(١) سيرة ابن هشام ١ : ٢٥٣.
(٢) اُنظر : مجمع البيان / الطبرسي ١٠ : ٣٨٤.
(٣) تاريخ القرآن / الصغير : ٣٥.