عنه (١).
وتحديده هنا بالقذف في القلب يستفيد معنى الخفاء في إلقائه ـ كسائر الوحي ـ مع خصيصة مميزة يختلف بها عن التكليم من وراء حجاب ووحي المَلك. فالوحي هنا عبارة عن : تكليم خفي من دون أن تتوسط واسطة بينه تعالى وبين النبي أصلاً (٢). ويتأتى اليقين بمصدر الوحي في هذا
الصورة بأنّه تعالى يخلق معه [ أي الوحي ] علم ضروري عند النبي صلىاللهعليهوآله
بأن هذا المعنى قد قذفه الله تعالى قطعاً (٣). وهذه الصورة شبيهة بما يقذفه المَلَك في
رُوع النبي صلىاللهعليهوآله
في ضوء وحيه إليه ، إلّا أنهما تختلفان في المصدر المُوحي ، ففي الأولى يوحي تعالى إلى النبي مباشرة وفي الثانية يقوم المَلَك ـ الذي عبر عنه صلىاللهعليهوآله بالروح القدس ـ في النفث في روع النبي ، فكان محل الاختلاف هو الواسطة وانتفاؤها. فهذا الإلهام عنه تعالى يمثل عرفان
يتلقاه النبي مباشرة عن الله تعالى دون أن تكون للنبي وسيلة في دفعه أو التحكم فيه أو توجيهه. فالنبي ليس إلّا صفحة ينطبع فيها ما يوحى به إليه ، فهو يحسّه ويعيه ويعلم أنّه علم جديد ليس له سابق عنده ، ويعلم أنّه من الله تعالى بعلم ضروري. وذلك بأنّه تعالى أوحى إليه صلىاللهعليهوآله دون أي شكل من
الوسائط. ويستدلّ القائلون بهذه الصورة من الوحي
بما في سورة النجم من قوله تعالى : ( ثُمَّ دَنَا
فَتَدَلَّىٰ * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ * فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ مَا ________________الصورة الرابعة ـ الوحي المباشر :
(١) الكشاف ٣ : ٤٧٥.
(٢) الميزان ١٨ : ٧٣.
(٣) نبوة محمد في القرآن : ١٧٧.