قولان (١) :
الأوّل : أنّه كان بخطاب من الله تعالى للملائكة ولإبليس.
الثاني : أنّه تعالى أظهر فعلاً دلهم به على أنّه يأمرهم بالسجود.
والقول الثاني قريب مما أورده الشيخ الطوسي في تفسيره للوحي إلى الملائكة.
ومن مجمل هذه الآراء لانعثر على تفسير يوضح بجلاء كيفية هذا الوحي إذ يبقى ذلك خافياً علينا.
ويميل الباحث إلى أن القولين الأخيرين يمكن أن يكونا أكثر قرباً إلى المعنى المراد من هذا الوحي ، وذلك بأن يكون بكلام مباشر منه تعالى إلى الملائكة يمكن تشبيهه بما كان لموسى عليهالسلام. ومما يمكن الاستفادة منه في تقوية ترجيح هذا الرأي أن خصوصية هذا التكليم بموسى عليهالسلام وحده كانت بالنسبة إلى الناس دون باقي أجناس الموجودات. إذ قال تعالى : ( ... يَا مُوسَىٰ إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي ... ) (٢).
أو بأن هذا الخطاب ( الوحي ) كان بأن أظهر تعالى فعلاً يدلهم من خلاله على أنه يأمرهم بالسجود وكان امتثالهم فهما لهذا الأمر. وهذا الفعل يبقي كيفية الوحي خافية ما لم يتم ترجيح أن يكون ذلك بالخطاب المباشر على سبيل تكليمه تعالى لهم.
يرد ذكر الوحي في القرآن الكريم على أنّه ملقى إلى البشر من غير الأنبياء
________________
(١) مجمع البيان ١ : ٨٣.
(٢) سورة الأعراف : ٧ / ١٤٤.