الإيمان ، وهذا الأمر يكاد يؤكد عموم آية الشورى المبينة لطرق تكليمه تعالى ، إذ لم يخصص هذا التكليم بالأنبياء وحدهم من دون البشر.
وهذه المعاني يكاد يستشفها الشيخ محمد عبده في إثباته جواز اطّلاع غير الأنبياء على عالم الغيب فيقول : ( أما أرباب النفوس العالية والعقول السامية من العرفاء ممن لم تَدنُ مراتبهم من مراتب الأنبياء ، ولكنهم رضوا أن يكونوا لهم أولياء وعلى شرعهم ودعوتهم أمناء ، فكثير منهم نال حظه من الأُنس بما يقارب تلك الحال في النوع والجنس لهم مشارفة في بعض أحوالهم على شيء من عالم الغيب ولهم مشاهد صحيحة في عالم المثال لاتنكر عليهم لتحقق حقائقها في الواقع ... ) (١).
ليس في القرآن الكريم ما يدلّ في ظاهره على الوحي إلى النساء بصيغة الوحي الصريحة إلّا حالة واحدة هي الوحي إلى أُم موسى عليهالسلام ، إذ ذكر في القرآن الكريم في مواضع عدّة منه. إلّا أنّ من المفسرين من يذهب إلى أن نزول الملائكة على مريم عليهاالسلام وما خصّت به من مواجهتهم ما يقترب من أن يكون وحياً كاملاً ألقي عليها إن لم يكن أعلى مرتبة مما كان لأُم موسى لتوافره على رؤيتهم وخطابهم مما لم يثبت يقينا لأُم موسى عليهالسلام.
وقياساً على ما كان لمريم عليهاالسلام يضيف بعض هؤلاء المفسرين ما كان لسارة زوجة إبراهيم عليهالسلام التي خاطبتها الملائكة بالبشارة بالولد.
وهذه الحالات المتعددة مما يرتبط مع الوحي استلزمت التعرض إليها
________________
(١) الأعمال الكاملة ٣ : ٤١٨.