« أي المرتضى » على ما غاب عن غيره من الخلائق ، بأن يوحي إليهم بما شاء من الغيب ) (١).
وتقييد إلقائه على المرتضين دون العامة أتبعه تقييد آخر في الآية الأولى بالرسول ، إذ تشير إلى أنه تعالى ( لايطلع على الغيب إلّا المرتضى : الذي هو المصطفى للنبوة خاصة ، لا كل مرتضى ) (٢).
ويستفيد الزمخشري جار الله محمود ( ت ٥٣٨ ه ، ١١٤٣ م ) من خلال هذا التقييد بخصوص المرتضى للرسالة ، إبطال الكرامات والكهانة والتنجيم ، لأنّ الذين تضاف إليهم الكرامات ، وإن كانوا أولياء فليسوا برسل ، ولأنّ أصحاب الكهانة والتنجيم أبعد شيء عن الارتضاء وأدخله في السخط (٣).
وأكد الفخر الرازي في تفسيره هذا الاختصاص بالاصطفاء للرسالة في الإطلاع على الغيب (٤).
ولم يكتف الواحدي أبو الحسن علي بن أحمد النيسابوري ( ت / ٤٦٨ ه ، ١٠٧٦ م ) في استناده على هذه الآية بإبطال الكهانة والتنجيم ، فقد استدل بها على تكفير المنجمين لأنّ ( من ادَّعى أن النجوم تدله على ما يكون من حياة أو معرفة أو غير ذلك فقد كفر بما في القرآن ) (٥). إلّا أنّه جوز الكرامات وإطْلاع
________________
(١) انظر : التبيان / الطوسي ١٠ : ١٥٨.
(٢) الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل / الزمخشري ٤ : ١٧٢.
(٣) الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل ٤ : ١٧٣.
(٤) مفاتيح الغيب ٣٠ : ١٦٨.
(٥) مفاتيح الغيب ٣٠ : ١٦٨.