الحيوان بـ ( الإلهام الغريزي ) (١).
والغريزة بمفهومها العام الظاهر في سلوك الحيوان يربط بها بعض الباحثين المُحدَثين كل ما يتصرف به الحيوان وتُسيَّر بهديه أفعاله المختلفة دون أن يكون له كسب فيه. فهي هنا : السلوك الذي لا يتعلّمه الحيوان ، فلا تتأتّى بالتعلّم والاكتساب أو المحاكاة والاختيار ، وهي أساس المحافظة على نفسها ووسيلة حصولها على غذائها ومحور أفعالها وبقاء نوعها (٢).
وصلة أفعال النحل بهذا التحديد للغريزة واضحة جلية ونص الآية يظهر أن فيها أمراً إلى النحل باتخاذ البيوت وسلوك السبل ... إلخ.
ومن هذا الملحظ ذهب المفسرون إلى أن مخاطبته تعالى لها بالأمر من أحد وجهين (٣) :
الأوّل : أنه لا يبعد أن يكون لهذه الحيوانات عقول ولا يبعد أن يتوجه عليها من الله تعالى نهي وأمر.
الثاني : قال آخرون : ليس الأمر كذلك بل المراد منه أنه تعالى خلق فيها غرائز وطبائع توجب هذه الأحوال.
يرى الراغب الأصبهاني أن من الوحي ما يكون تسخيراً وهذا هو ما يراد من الوحي إلى النحل وهو يُعرِّف هذا التسخير بأنه : سياقة إلى الغرض المختص
________________
(١) انظر : القرآن والتفسير / د. شحاته : ١٠.
(٢) طبائع الأحياء / عبد الحسين الحسون : ١٤ ، ط ١ ، مطبعة الآداب ـ النجف ( ١٣٩١ هـ ، ١٩٧١م ).
(٣) مفاتيح الغيب ٢٠ : ٧٢.