من الأعمال المتكررة
التي جبل عليها فهو غير مدرك بها فلو كان في وسعه أن يدرك لوقع في خطأ في عمله أو غَيَّر في منهج سلوكه (١). وما ورد من ذكر للوحي إلى النحل تعبيراً
عن هذه التصرفات التي تصدر منه في مناحي حياته يمكن تعميمه على كثير مما يشابهها في حيوانات أخرى كالطيور والنمل وغيرها وقد امتنعنا عن الخوض في تفاصيل ذلك لعدم ورود صيغة الوحي في القرآن الكريم تعبيراً عن تلك التصرّفات. هذا بحدود التفسير الظاهر للآية الكريمة
، وهو تفسير مقبول ومعقول لدى الفريقين ، وأمّا الباطن فقد اختصّ به أهل العصمة عليهمالسلام كما بيّنا ذلك في كتابنا تأسيس الأئمّة عليهاالسلام
لأُصول منهج فهم النص القرآني. ولا بأس هنا بذكر ما يخصّ باطن الآية
الشريفة. عن مسعدة بن صدقة ، عن الإمام الصادق عليهالسلام أنّه قال في قوله تعالى
: ( وَأَوْحَىٰ
رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ
الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ )
(٢) ، قال : « فالنحل
: الأئمّة عليهمالسلام
، والجبال : العرب ، والشجر : الموالي.. الخ » (٣). وعن حريز بن عبد الله ، عن الإمام
الصادق عليهالسلام
في قوله تعالى : ( وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ )
، قال : «
نحن النحل الذي أوحى الله إليه (
أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا )
أمرنا
أن نتّخذ من العرب شيعة (
وَمِنَ الشَّجَرِ )
يقول
: من العجم (
وَمِمَّا يَعْرِشُونَ )
من الموالي. والشراب المختلف ألوانه العلم الذي ________________
(١) طبائع الأحياء : ٢٤.
(٢) سورة النحل : ١٦ / ٦٨.
(٣) تفسير العيّاشي ٢ : ٢٦٣ / ٤٣ ، وعنه في بحار الأنوار ٢٤ : ١١٢ / ٥ باب (٢٨).