يرد ذكر الوحي صريحاً إلى الأرض في قوله تعالى : ( إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا * يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَىٰ لَهَا ) (١). والحق أن في الآية مفهومين مهمين يستشف فَهمُ الوحي إلى الأرض من خلال الجمع بين عناصرهما وهما :
تنسب الآية الكريمة إلى الأرض ـ وهي الجماد ـ التحديث بالأخبار ، وهو أمر يرتبط في الأذهان بما يكون من العاقل ، من هنا فللمفسرين في هذا التحديث اتجاهان :
الاتجاه الأوّل : يميل إلى أن نسبة التحديث إلى الأرض تعبير مجازي.
قال الشريف الرضي عنه : إنه استعارة ، فالمراد : ما يظهر فيها من دلائل انقطاع أحوال الدنيا وإقبال أشراط الآخرة ، فيكون ما يظهره الله تعالى فيها من ذلك قائما مقام الإخبار ونائباً عن النطق باللسان (٢). وهذا ما أكده الزمخشري تحديداً ، إذ ذهب إلى أن ما يكون من تلك الأحوال يجعل القائل : ( مالها ) ينظر ( فيعلم لمَ زلزلت ) (٣).
ويجد القائلون بمجازية هذا التحديث سنداً لقولهم بما ذهب إليه سعيد ابن جبير في تفسيره للآية فيما رُوي عنه ، فعنده أن ( تُحدِّثُ ) بمعنى تُنبئ ،
________________
(١) سورة الزلزلة : ٩٩ / ١ ـ ٥.
(٢) تلخيص البيان في مجازات القرآن : ٢٨٢.
(٣) الكشاف ٤ : ٢٧٦.