وذهب مفسرون آخرون منهم العلّامة
الطبرسي إلى أن الوحي للأرض معناه الإلهام ، وذلك أنه تعالى ألهمها وعرفها (١). ويفسر إبراهيم الحربي ( ٢٨٥ هـ ، ٨٩٨م )
فيما نقله القرطبي حقيقة هذا الإلهام بقوله : ( إن لله عزّ وجلّ في الموات قدرة لم يُدرَ ما هي ، لم يأتِها
رسول من عند الله ولكن الله تعالى عرفها ذلك : أي ألهمها ) (٢). إلّا أن الشريف الرضي يستبعد بشدة أن
يكون ذلك الوحي للأرض على سبيل الإلهام لأنه إذا كان ذلك جائزاً في الوحي للنحل لأنّها حيوان متصرف ألهمه الله تعالى ما أراد منها فإنّ الوحي إلى الأرض ليس بجار مجرى ذلك ، فلا يصح القول فيها بأنه إلهام لأنّها جماد خامد (٣). قال تعالى : (
فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَىٰ فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا )
(٤). إضافة إلى ما قيل
من آراء وتفسيرات في معنى الوحي إلى الأرض مما ينطبق في كثير من جوانبه على الوحي إلى السماء فإنّ الراغب الأصبهاني يجمل الأقوال في الوحي إلى السماء في قولين هما (٥)
: الأوّل :
إن المراد منه الوحي إلى أهل السماء خصوصاً وهم الملائكة لأنّهم أهل السماء ، فكان هذا الرأي يحاول أن يربط ذلك بقوله تعالى : (
إِذْ يُوحِي ________________المورد الثاني ـ الوحي إلى السماء :
(١) مجمع البيان ١٠ : ٥٢٦.
(٢) جامع أحكام القرآن ١٠ : ١٣٣.
(٣) تلخيص البيان : ٢٨٢.
(٤) سورة فصلت : ٤١ / ١٢.
(٥) المفردات : ٥١٦.