تلقّيه للأُمور
الغيبية صادقاً ، ويختلف ذلك بحسب اختلاف الاستعدادات » (١). والظاهر أنّ المراد بالكهانة في قول
أمير المؤمنين عليهالسلام
ما هو مقرون بالأمارة باعتبار العادة ، فلا يرد أنّه يتوهّم من ظاهره جواز تصديق الكاهن وهو كفر (٢). وفي حديث مساءلة الزنديق من الإمام
الصادق عليهالسلام
برواية هشام بن الحكم قال : « فمن أين أصل الكهانة ؟ ومن أين يخبر الناس بما يحدث ؟ ». فأجاب الإمام عليهالسلام جواباً شافياً نذكره
بلفظه ، فقال : «
إنّ الكهانة كانت في الجاهلية في كل حين فترة من الرسل ، كان الكاهن بمنزلة الحاكم يحتكمون إليه فيما يشتبه عليهم من الأمور بينهم ، فيخبرهم عن أشياء تحدث ، وذلك من وجوه شتى : فراسة العين ، وذكاء القلب ، ووسوسة النفس ، وفتنة الروح ، مع قذف في قلبه ، لأن ما يحدث في الأرض من الحوادث الظاهرة فذلك يعلم الشيطان ويوءديه إلى الكاهن ، ويخبره بما يحدث في المنازل والأطراف ، وأما أخبار السماء فإن الشياطين كانت تقعد مقاعد استراق السمع إذ ذاك ، وهي لا تُحجَب ، ولا تُرجَم بالنجوم ، وإنما مُنِعت من استراق السمع لئلا يقع في الأرض سبب تشاكل الوحي من خبر السماء ، فيُلبس على أهل الأرض ما جاءهم عن الله ، لإثبات الحجّة ، ونفي الشبهة ، وكان الشيطان يسترق الكلمة الواحدة من خبر السماء بما يحدث من الله في خلقه فيختطفها ، ثم يهبط بها إلى الأرض ، فيقذفها إلى الكاهن ، فإذا قد زاد كلمات من عنده فيخلط الحق بالباطل ، فما أصاب الكاهن من ________________
(١) شرح مئة كلمة / ابن ميثم البحراني : ٨٥ و ٨٧.
(٢) انظر : شرح كلمات أمير المؤمنين عليهالسلام / الشيخ عبد الوهاب : ٤٤.