خبر مما كان يخبر به ، فهو ما أدّاه إليه الشيطان لما سمعه ، وما أخطأ فيه فهو من باطل ما زاد فيه ، فمنذ مُنِعت الشياطين عن استراق السمع انقطعت الكهانة ، واليوم إنّما تؤدي الشياطين إلى كهانها أخباراً للناس بما يتحدثون به وما يحدثونه ، والشياطين تؤدي إلى الشياطين ما يحدث في البعد من الحوادث : من سارق سرق ، ومن قاتل قتل ، ومن غائب غاب. وهم بمنزلة الناس أيضاً ، صدوق وكذوب .. » (١).
ومن هنا يتبيّن الفرق بين علم الكاهن وعلم النبي ، بأخذ الكاهن علمه من الشياطين مع عدم وضوح الرؤيا وامتزاج ذلك بالأوهام والخرافات والأكاذيب أحياناً ، بينما يأخذ النبي علمه من الله عزّوجلّ عن طريق الوحي الصادق ، الخالص من تلك الشوائب كما بيّنه تعالى في القرآن الكريم.
وقد حرّم فقهاء الشيعة الكهانة ، وأفرد لها محدّثوهم أبواباً صريحة في تحريمها.
وأمّا النجوم ويراد بذلك ( علم النجوم ) ، وهو : « العلم بآثار حلول الكواكب في البروج والدرجات وآثار مقارناتها وسائر أنظارها ونحوه ، والتنجيم : هو الحكم بمقتضى تلك الآثار » (٢).
ويظهر من الكتاب والسنّة صحّة علم النجوم في الجملة ، كقوله تعالى في قصّة إبراهيم عليهالسلام : ( فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ * فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ ) (٣) ، ولو كان هذا العلم كفراً لما نظر فيه إبراهيم عليهالسلام ، وقد ورد في أخبار كثيرة ذكرها غير
________________
(١) الاحتجاج / الطبرسي ٢ : ٨١.
(٢) مستند الشيعة / النراقي ١٠ : ٤٠٧.
(٣) سورة الصافّات : ٣٧ / ٨٨ و ٨٧.