الإلهية إنّما هو لطف إلٰهي وتحقيق لمفهوم العدالة الإلهية بل ( إن من لوازم الألوهية أن ينزل الوحي الإلٰهي على جماعة من البشر هم الأنبياء عليهمالسلام ) (١).
هكذا توالت النبوات ، مبشرة بالهداية الإلهية وداعية الإنسان إلى صراط مستقيم ، لتنتشله من براثن المادية وأهواء النفس وغرائزها ، قال الإمام علي عليهمالسلام : « وواتر إليهم أنبياءه ليستأدوهم ميثاق فطرته ، ويذكروهم منسي نعمته ، ويحتجوا عليهم بالتبليغ ، ويثيروا لهم دفائن العقول » (٢). فوظيفة الرسل في حقيقتها استخراج مكنون الفطرة التي فطر الله الناس عليها ، لأنّ غاية الوحي الإلٰهي في ختام الدعوة الدينية عموماً هي الدعوة إلى دين الفطرة الذي يتمثل بما هو ( مكنوز في فطرة الناس ، وإنّما حجبهم عنها ما ابتلوا به من الشرك والمعصية مما يوجب عليهم غلبة الشقوة ونزول السخط الإلٰهي ) (٣).
وهدف الوحي فيما يريد اثباته على الناس هو الاحتجاج عليهم بوجود البشارة والإنذار والبيان والأحكام ، والمعارف والأوامر ( لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ) (٤) لجهلهم ما يجب عمله من أصول الإيمان وما تصح به الأنفس وتتزكى من صالح الأعمال (٥).
من خلال إحاطة الموحي بسنن الوجود ونواميسه وتنظيمه لأسس
________________
(١) الميزان / الطباطبائي ٢ : ٣٣٠.
(٢) النبوة / الشيخ محمد حسن آل ياسين : ٥.
(٣) الميزان ٧ : ٣٩.
(٤) سورة النساء : ٤ / ١٦٥.
(٥) الوحي المحمدي / محمد رشيد رضا : ٣١.