كما أن سياق الآيات التي تتحدث عن الشيطان وأفعاله وآثاره في العالم الإنساني من وحي ووسوسة وتزيين وإزلال وفتنة .. إلخ ، يدل على أن هذه الآثار تتم دون معاينة ومباشرة رؤية أو حتى إدراك أن مصدرها هو الشيطان إلّا ماكان من ذلك مع الأنبياء عليهمالسلام فإنّ لهم حالاً مختلفة عن عامة البشر كما سنبيّنه.
قال ابن عباس .. ( هم يرون بني آدم وبنو آدم لا يرونهم ) (١).
وقد قيل تفريقاً عن شيطان الإنس ، إن شيطان الجن يوسوس ولا تراه معاينة (٢). بخلاف شيطان الإنس الذي هو من الناس ، وعليه يحمل قول بعض الصحابة : ( إنّ لي شيطاناً يعتريني ) (٣) ، إذ كيف علم بأنه يعتريه لو لم يره عياناً ويصحبه ؟!
وعن قتادة أنه قال : « والله إن عدوا يراك ولا تراه لشديد المؤونة إلّا من عصم الله » (٤).
ترد هنا نقطة مهمة لابد من جلائها وهي أن حال الأنبياء عليهمالسلام في تأثير الشيطان وإلقائه مختلف عن حال سائر البشر في مدى قوة هذا التأثير ونوعه
________________
(١) مجمع البيان / الطبرسي ٨ : ٤٠٩.
(٢) جامع البيان / الطبري ٣٠ : ٢٢٩.
(٣) المصنّف / عبد الرزاق ١١ : ٢٢٦ / ٢٠٧٠١ ، والطبقات الكبرى / ابن سعد ٣ : ٢١٢ ، والإمامة والسياسة / ابن قتيبة الدينوري ١ : ٢٤ ، وتاريخ مدينة دمشق / ابن عساكر ٣٠ : ٣٠٣ و ٣٠٤ ، والبداية والنهاية / ابن كثير ٦ : ٣٣٤ وقد اتفقت هذه المصادر كلّها على نسبة هذا القول لأبي بكر وأنّه قاله على المنبر في اليوم الأوّل من سلطته !!
(٤) مجمع البيان ٨ : ٤٠٩.