بطابع الإسرار ، كما
ذهب إليه بعضهم ، قال أبو عبيدة في الآية : ( شَيَاطِينَ الْإِنسِ
وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ .. )
إنّ هذا الوحي وحي إسرار (١) ، والصحيح ما ذكره
الشيخ الطبرسي في تفسيره الآية ، وهو أن شيطان الجن يوسوس في خفاء ، وهو لا يُرى وأما شيطان الإنس « يأتي علانية ويُرِي أنه ينصح وقصده الشر » (٢). تدل العديد من الآيات الكريمة على وساطة
الملائكة بين الله تعالى وأنبيائه ، وحملهم مسؤولية تبليغ الرسالات إلى الأنبياء عليهمالسلام ، أو إبلاغهم بالبشارات أو النّذر الصادرة إلى أممهم ، أو تحذيرهم بنزول العقاب على تلك الأمم ، أو تبليغ الله تعالى لبعض عباده باختيارهم واصطفائهم أو لطفه بهم وتصبيره لهم على ما ينالون ، وما تحمله هذه البلاغات من دلالات على وجود محاورات وتبادل للكلام ، فقد عُبِّر عن ذلك كله بصيغ عديدة ، منها ما هو مع الأنبياء عليهمالسلام
، ومنها ما هو مع غيرهم ، ومن ذلك التبشير بالمنن والنعم الإلهية كتبشير إبراهيم عليهالسلام
، وزكريا عليهالسلام
بالولد بعد الكبر قال تعالى : ( قَالُوا لَا
تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ ) (٣)
، وقال تعالى : ( فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ
يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَىٰ مُصَدِّقًا .. )
(٤) ، وقال تعالى : (
إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ ________________ثانياً ـ الوحي الملائكي :
(١) اُنظر : التبيان ٦ : ٤٠٢.
(٢) مجمع البيان ١٠ : ٥٧١.
(٣) سورة الحجر : ١٥ / ٥٣.
(٤) سورة آل عمران : ٣ / ٣٩.