في الشجرة ، لأنّه لا
يحويه مكان ولا يَحِلّ في جسم فتعالى الله عن ذلك (١). ويتفق الزمخشري مع المرتضى ، والشيخ
الطوسي في فهمهما للحجاب الذي يكلم العبد من ورائه ، فالحجاب ـ الذي كان في حالة تكليم موسى عليهالسلام هو الشجرة ـ كان بديلاً عن أية واسطة بين الله تعالى وعبده ، فكان وجود الحجاب استبعاداً للواسطة في التكليم من خلال جعله تكليماً مباشراً يسمع العبد فيه الكلام ويعيه. وهذا الكلام يخلقه تعالى في بعض الأجرام
فيسمعه المُكَلَّم دون أن ينظر إلى المُكَلِّم ، وكان تكليمه تعالى لموسى من ذلك النوع إذ كلَّمه ( من غير واسطة كما يُكلَّم الملك ، وتكليمه أن يخلق الكلام منطوقاً به في بعض الأجرام كما خلقه محفوظاً في اللَّوح ) (٢). وقد استنكر السيد محمد حسين الطباطبائي
قول من قال بأن الشجرة كانت محلاً للكلام بدلالة أن الكلام عَرَض يحتاج إلى محلِّ يقوم به ، فالشجرة رغم أنها كانت مبدأ للتكليم والنداء إلّا أن الكلام كان كلامه تعالى ، وهو [ أي الكلام ] ( لم يكن قائماً بها كقيام الكلام بالمتكلم منا ، فلم تكن إلّا حجاباً احتجب سبحانه به فكلّمه من ورائه بما يليق بساحة قدسه ) (٣). وهذا الفهم لكون الشجرة حجابا ينطبق
أيضا على ما قال به مفسرون آخرون من نسبة الوحي إلى النار مستدلين بقوله تعالى : (
فَلَمَّا جَاءَهَا نُودِيَ ________________
(١) التبيان ٨ : ١٤٦.
(٢) الكشاف ٢ : ١١١ و ٣ : ٤٧٥.
(٣) الميزان ١٦ : ٣٢.