للطعام شرطا في ذلك ، والمريض يريد أن يتناول الطعام لا لشيء سوى لحصول هذا المراد ، فكان هذا القيد شرطا في تحقّق المراد لا الإرادة.
وبتعبير آخر : إنّ الإرادة الفعليّة لتناول الدواء المتحقّقة بوجود المرض فعلا ثابتة وفعليّة قبل تناول الطعام ، وهي التي تحرّك المريض نحو تناول الطعام لأجل استيفاء المراد من شرب الدواء وهو الشفاء ، فلأجل أنّ الإرادة فعليّة في رتبة سابقة تحدث للمريض فعليّة ومحرّكيّة نحو تحقيق القيد وهو بعد الطعام ، لأجل الحصول على المراد الذي لا يتحقّق إلا بهذا القيد الذي هو الحصّة الخاصّة الذي تعلّقت به الإرادة ؛ لأنّ المريض له إرادة فعليّة لإيجاد الحصّة الخاصّة من شرب الدواء لا شربه مطلقا ، بل شربه المقيّد بتناول الطعام والذي به يتحقّق المراد.
والحاصل : نّ قيود الاتّصاف ترجع إلى الإرادة فهي لا تكون فعليّة إلا بوجود هذه القيود ، بينما قيود الترتّب ترجع إلى المراد ؛ لأنّ الإرادة تكون فعليّة قبلها وهي التي تدعو إلى إيجادها وتحقيقها من أجل استيفاء وحصول المراد بالفعل بعد تحقّقها.
غير أنّ الإرادة التي ذكرنا أنّها مقيّدة بشروط الاتّصاف ليست منوطة بالوجود الخارجي لهذه الشروط ، بل بوجودها التقديري اللحاظي ؛ لأنّ الإرادة معلولة دائما لإدراك المصلحة ولحاظ ما له دخل في اتّصاف الفعل بها لا لواقع تلك المصلحة مباشرة ، وما أكثر المصالح التي لا تؤثّر في إرادة الإنسان لعدم إدراكه ولحاظه لها.
وهنا تساؤل يجيب عنه السيّد الشهيد ، وحاصله : أنّ الإرادة المنوطة بشروط الاتّصاف هل هي منوطة بها بوجودها الخارجي أم بوجودها اللحاظي التقديري؟
والجواب : أنّ قيود الاتّصاف الراجعة إلى الإرادة تكون بوجودها التقديري اللحاظي شروطا في تحقّق الإرادة لا بوجودها الخارجي ، فالمرض مثلا بوجوده التقديري اللحاظي يكون سببا لحدوث الإرادة لشرب الدواء سواء كان الإنسان مريضا فعلا وحقيقة أم لا ؛ لأنّه يكفي أن يتصوّر نفسه مريضا ويعتقد بذلك حتّى تحدث في نفسه الإرادة.
والوجه في ذلك : هو أنّ الإرادة معلولة لإدراك المصلحة ، فما دام المكلّف يرى أنّ المصلحة في تناول الدواء فيما إذا كان مريضا فسوف تحدث له إرادة تناول الدواء بمجرّد أن يعتقد ويتصوّر أنّه مريض ولو كان اعتقادا مخطئا ؛ لأنّه ما دام تصوّر أنّه