الاتّصاف بوجودها التقديري اللحاظي ـ كالإرادة تماما ـ لا بوجودها الخارجي ، ولهذا كثيرا ما يتحقّق الجعل قبل أن توجد شروط الاتّصاف خارجا.
وأمّا فعليّة المجعول فهي منوطة بفعليّة شروط الاتّصاف بوجودها الخارجي ، فما لم توجد خارجا كلّ القيود المأخوذة في موضوع الحكم لا يكون المجعول فعليّا.
وأمّا شروط الترتّب فتؤخذ قيودا في الواجب تبعا لأخذها قيودا في المراد.
وبهذا نعرف أنّ الوجوب المجعول لا ثبوت له قبل وجود شروط الاتّصاف ؛ لأنّه مشروط بها في عالم الجعل.
في هذه النقطة يبيّن السيّد الشهيد الفرق بين الجعل والمجعول في كيفيّة أخذ القيود فيهما ، وعلى ضوء ذلك سوف تندفع الإشكالات الواردة حول إمكانيّة الوجوب المشروط كما سيأتي. ولذلك يقول : إنّ جعل الحكم له مرحلتان هما : الجعل والمجعول كما تقدّم في الحلقة الثانية.
فالجعل : عبارة عن الحكم الإنشائي على الموضوع المفترض والمقدّر الوجود ، فالشارع يفترض الموضوع مع ما فيه من قيود وشروط وخصوصيّات ثمّ يجعل الحكم عليه ، فيكون الحكم منوطا ومرتبطا بها.
بينما المجعول : عبارة عن الحكم الفعلي الثابت على موضوعه الموجود فعلا في الخارج ، فما لم يوجد الموضوع في الخارج لا يكون الوجوب فعليّا.
وعلى هذا الأساس نقول : إنّ الحكم في مرحلة الجعل عبارة عن الأمر الإنشائي النفساني ؛ لأنّه موجود فعلا في عالم اللحاظ وفي ذهن المولى ، أي في عالم الجعل والتشريع ، وهو بهذا الاعتبار منوط ومرتبط ومقيّد بشروط الاتّصاف كما تقدّم ، ولكن بوجودها التقديري اللحاظي أيضا ؛ لأنّ ما هو في الذهن وفي عالم الفرض والتقدير لا يكون مرتبطا إلا بما هو موجود في نفس ذاك العالم واللحاظ ، ممّا يعني أنّ شروط الاتّصاف تؤخذ مفترضة الوجود ومقدّرة ثمّ يناط بها الوجوب ، ولو لا افتراضها وتقديرها لم يكن الوجوب ثابتا أصلا.
تماما كما هو الحال بالنسبة لشروط الاتّصاف المأخوذة في الإرادة ، فإنّ الإرادة لمّا كانت أمرا نفسانيّا فهي لا تناط إلا بما يكون موجودا في النفس أيضا.
ممّا يعني أنّ شروط الاتّصاف لا بدّ أن تكون مقدّرة ومفترضة الوجود في النفس