لتحصل الإرادة ؛ ولو لا ذلك لا تحدث الإرادة أصلا ، حتّى لو كانت تلك الشروط موجودة فعلا في الخارج ، ولكن ما لم تكن موجودة في النفس أيضا فلا أثر لها ؛ لأنّ الوجود الواقعي للشرط لا يسبّب حصول ما هو منوط به ما لم تكن معلومة وموجودة في الذهن أو النفس ، ولذلك يكون الوجوب ثابتا وموجودا عند افتراض وتقدير شروط الاتّصاف ، أي بوجودها اللحاظي والذهني سواء وجدت في الخارج أم لا.
بل إنّ الوجوب في مرحلة الجعل يكون ثابتا حتّى لو لم تتحقّق شروط الاتّصاف في الخارج أصلا ؛ لأنّه ليس مرتبطا بها.
فوجوب الحجّ مثلا ثابت على فرض تحقّق الاستطاعة ، وهذا الوجوب ثابت في عالم الجعل والتشريع على المكلّف المستطيع بنحو تكون الاستطاعة مفترضة ومقدّرة الوجود ، وهذا الوجوب الثابت لا يتأثّر بوجود الاستطاعة في الخارج أو عدم وجودها كذلك ؛ لأنّه ليس مرتبطا بالخارج أصلا ، وإنّما هو مرتبط بما هو موجود في الذهن والنفس واللحاظ فقط ، والاستطاعة قد أخذت في موضوع الحكم مفترضة ومقدّرة الوجود ، فهي موجودة فعلا في عالم اللحاظ والتقدير ، ولذلك فالجعل ثابت.
نعم ، الحكم المجعول الفعلي لا يتحقّق ولا يثبت إلا إذا صارت شروط الاتّصاف فعليّة في الخارج ؛ لأنّ الحكم المجعول هو الوجوب الذي يصبح فعليّا على المكلّف وهو لا يكون كذلك إلا إذا صار موضوعه فعليّا أيضا ، فلا بدّ إذا من أن توجد شروط الاتّصاف في الخارج أو أن تصبح فعليّة على المكلّف ليصبح الحكم فعليّا.
ولذلك لا حكم فعلي ولا وجوب مجعول على المكلّف ما دامت شروط الاتّصاف لم تتحقّق في الخارج.
وبهذا يتّضح أنّ الحكم في مرحلة الجعل ثابت لثبوت شروط الاتّصاف معه في عالم اللحاظ والفرض والتقدير أو عالم الجعل والتشريع ، وهو لا يتأثّر بوجود الشروط في الخارج أو عدم وجودها كذلك ، بينما الحكم في مرحلة المجعول لا ثبوت له إلا إذا تحقّقت شروط الاتّصاف في الخارج وصارت فعليّة ، فإنّه حينئذ يصبح فعليّا. هذا كلّه بالنسبة لشروط الاتّصاف.