وأمّا شروط الترتّب فهي كما تقدّم مأخوذة في الواجب تماما كما هي مأخوذة في المراد ، ممّا يعني أنّ الوجوب ثابت وفعلي ولا يتأثّر أصلا بوجود شروط الترتّب أو عدم وجودها. نعم هو يدعو إلى إيجادها.
فإنّ تناول الدواء إذا صار واجبا على المكلّف بسبب مرضه ، وكان التناول مقيّدا بتناول الطعام أوّلا ، كان هذا الوجوب الفعلي داعيا ومحرّكا إلى إيجاد هذا القيد ، ولذلك يجب على المريض أن يتناول الطعام أوّلا من أجل أن تترتّب المصلحة والغرض من استعمال الدواء الواجب عليه في رتبة سابقة.
وهذا يعني أن شروط الترتب لا علاقة لها بالوجوب أصلا ، لا على مستوى الجعل ولا على مستوى المجعول ، كما هو الحال في المراد فإنّ القيود الراجعة إليه لا مدخليّة لها في الإرادة لا سلبا ولا إيجابا كما تقدّم سابقا.
وعلى أساس التفرقة بين الوجوب في مرحلة الجعل والوجوب في مرحلة المجعول ، نقول : إنّ الوجوب المجعول لا ثبوت له قبل أن تتحقّق شروط الاتّصاف في الخارج وتصبح فعليّة ، فهو مقيّد بها ثبوتا وانتفاء ، فإذا تحقّقت شروط الاتّصاف وصارت فعليّة كان الوجوب المجعول ثابتا وفعليّا ، وإذا لم تتحقّق فلا وجوب مجعول على المكلّف وإن كان الوجوب في عالم الجعل ثابتا ؛ إذ لا يكفي للفعليّة والتنجيز والتكليف كما تقدّم في محلّه.
وبهذا يعرف أنّ الوجوب المشروط ممكن ؛ لأنّ المقصود به هو أنّ الوجوب المجعول الفعلي مشروط بتحقّق شروط الاتّصاف وصيرورتها فعليّة في الخارج ، وما يقال من استحالته غير صحيح ، ولذلك قال :
وأمّا ما يقال : من أنّ الوجوب المشروط غير معقول ؛ لأنّ المولى يجعل الحكم قبل أن تتحقّق الشروط خارجا فكيف يكون مشروطا؟ فهو مندفع بالتمييز بين الجعل والمجعول ، والالتفات إلى ما ذكرناه من إناطة الجعل بالوجود التقديري للشرط ، وإناطة المجعول بالوجود الخارجي له.
إشكال ودفعه : استشكل على إمكان الوجوب المشروط بأنّ الوجوب فعل للمولى ؛ لأنّ الوجوب من الأمور الاعتباريّة الشرعيّة التي بيد الشارع جعلها ، وحينئذ فالمولى إمّا أن يجعل