ومنها : تقسيم المقدّمات إلى الشرط المتقدّم والمتأخّر والمقارن.
فالغسل الليلي الذي هو شرط لصحّة صوم المستحاضة شرط متأخّر ، وكذا الإجازة بالنسبة لصحّة عقد الفضولي بناء على الكشف أيضا ، والاستقبال شرط مقارن لصحّة الصلاة. بينما الشرط المتقدّم هو سائر القيود المأخوذة التي يتوقّف على وجودها وجود الواجب.
وعلى كلّ حال فالبحث هنا معقود من أجل الإجابة عن السؤال التالي ، وهو : متى يكون المكلّف مسئولا عن إيجاد وتحصيل القيود والمقدّمات؟
ومن أجل الإجابة عن هذا التساؤل يقسّم السيّد الشهيد المقدّمات والقيود إلى أقسام ثلاثة ، ثمّ يذكر الفرق بينها ، ثمّ يعود ليبيّن مسئوليّة المكلّف حول هذه القيود.
وأمّا أقسام المقدّمات ، فهي :
الأوّل : المقدّمات التي تتوقّف عليها فعليّة الوجوب ، وهي إنّما تكون كذلك بالتقييد الشرعي ، وأخذها مقدّرة الوجود في مقام جعل الحكم على نهج القضيّة الحقيقيّة ؛ لأنّ الوجوب حكم مجعول تابع لجعله ، فما لم يقيّد جعلا بشيء لا يكون ذلك الشيء دخيلا في فعليّته ، وتسمّى هذه المقدّمات بالمقدّمات الوجوبيّة ، كالاستطاعة بالنسبة إلى وجوب الحجّ.
وهي المقدّمات التي يتوقّف عليها فعليّة الوجوب ، بحيث إذا تحقّقت فيصبح الوجوب فعليّا ، وأمّا قبل تحقّقها فالوجوب وإن كان ثابتا في عالم الجعل والتشريع إلا أنّه لا يكون فعليّا ولا داخلا في عهدة المكلّف.
وهذه المقدّمات الوجوبيّة إنّما تكون كذلك بسبب أخذ الشارع لها في مقام الجعل والتشريع ، فيأخذ هذه القيود والمقدّمات بنحو الفرض والتقدير ثمّ يجعل الحكم على موضوعه مقيّدا بها ؛ لأنّ جعل الحكم إنّما هو على أساس القضيّة الحقيقيّة التي يكون الموضوع فيها مفترضا ومقدّر الوجود.
وما دام قد أخذ في موضوع الحكم بعض القيود والمقدّمات في عالم الجعل ، فإنّ الحكم في عالم الفعليّة يكون تابعا لتحقّق هذه القيود ؛ لأنّ الحكم في عالم المجعول تابع في وجوده لما هو مأخوذ فيه بلحاظ عالم الجعل ، وهو إمّا أن يكون مطلقا غير