والآخر : أنّ غسل المستحاضة الليلي شرط لصحّة الصوم الآتي لا السابق ، وعليه فيكون الغسل شرطا متقدّما لا متأخّرا.
وعلى كلّ حال فقد وقع البحث في إمكانيّة ومعقوليّة الشرط المتأخّر ، سواء كان راجعا إلى الحكم أم إلى الواجب.
ووجه الاستشكال فيه هو : أنّ الشرط أو القيد بمثابة العلّة للمشروط والمقيّد أو على أقلّ تقدير بمثابة جزء العلّة. ومن الواضح أنّ العلّة لا بدّ وأن تكون متقدّمة ومعاصرة للمعلول ، فإذا كانت العلّة متأخّرة عن المعلول بتمامها أو بجزء من أجزائها فهذا معناه أنّ المعلول قد وجد في زمان لم تكن فيه العلّة موجودة ، وهذا مستحيل ؛ وذلك لأحد أمرين :
الأوّل : استحالة تأثير المعدوم في الموجود ، فإنّ العلّة حال وجود المعلول كانت معدومة ، فإذا كانت بعد فرض تحقّق وجودها المتأخّر زمانا عن المعلول قد أثّرت في المعلول من حينه ، فهذا معناه أنّ الشرط أو العلّة قد أثر في إيجاد المعلول من حين وجوده ، والحال أنّها معدومة والمعدوم لا يؤثّر حال انعدامه بشيء.
وإذا كانت مؤثّرة في وجود المعلول لا من حين زمان وجوده ، بل من حين زمان وجودها فهذا يعني الانقلاب ؛ لأنّ المعلول قد وقع وتحقّق غير مشروط ولا مقيّد بشيء ، فكيف يكون متأثّرا ومسبّبا عن شيء لاحق؟!
وبتعبير آخر : إنّ الشرط المتأخّر إمّا أن يؤثّر في المشروط أو لا يؤثّر ، فإن لم يكن مؤثّرا فيه فهو خلف كونه شرطا ، فيتعيّن الأوّل ، وحينئذ فهو إمّا أن يكون مؤثّرا في المشروط من حين تحقّق المشروط أو من حين تحقّق الشرط ، وكلاهما مستحيل ؛ لأنّ تأثير الشرط في المشروط من حين تحقّق المشروط معناه أنّ المعدوم قد أثّر في الموجود ؛ لأنّ الشرط معدوم حين تحقّق المشروط ؛ ولأنّ تأثير الشرط في المشروط من حين تحقّق الشرط معناه أنّ المشروط الذي تحقّق قبله متأثّر بشيء آخر وهو الشرط وهذا مستحيل ؛ لأنّه لو كان متأثّرا بالشرط ومسبّبا عن الشرط فكيف تحقّق قبل الشرط؟!
وقد أجيب على هذا البرهان : أمّا فيما يتعلّق بالشرط المتأخّر للواجب فبأنّ كون شيء قيدا للواجب مرجعه إلى تحصيص الفعل بحصّة خاصّة ، وليس القيد علّة أو