الذي يصاغ على موضوعه المفترض والمقدّر الوجود ، وأخرى يراد به المجعول الفعلي أي الحكم الذي صار فعليّا في الخارج بسبب فعليّة موضوعه وقيوده في الخارج.
وعليه ، فإن أريد من الحكم عالم الجعل فهنا لا يكون الشرط المتأخّر متأخّرا في الحقيقة ، بل هو شرط مقارن ؛ وذلك لأنّ الحكم في عالم الجعل إنّما يصاغ وينصبّ على موضوعه المفترض والمقدّر الوجود ، ممّا يعني أنّ كلّ ما هو دخيل في الموضوع من قيود وشروط قد لوحظت وافترض وجودها ، فكان الشرط المتأخّر مفترضا وملحوظا في الموضوع حينما جعل الحكم عليه ، وهذا يعني أنّه مقارن للجعل لا متأخّر عن الجعل ، نعم هو متأخّر في الوجود الخارجي إلا أنّ هذا الوجود لا علاقة له بالجعل ؛ لأنّ الجعل عبارة عن الوجود التقديري واللحاظي للحكم مع موضوعه وسائر قيوده وشروطه ، وهي موجودة بالفعل في عالم اللحاظ والتقدير ، وليس شيء منها غير ملحوظ.
وأمّا إن أريد من الحكم عالم المجعول والفعليّة فهنا يكون الشرط المتأخّر متأخّرا حقيقة ؛ وذلك لأنّ الحكم في عالم المجعول لا يصبح فعليّا إلا إذا تحقّقت سائر قيود وشروط موضوعه ، والمفروض أنّ هناك شرطا متأخّرا لم يتحقّق بعد فكيف يكون الحكم فعليّا مع عدم تحقّق ذاك الشرط المتأخّر؟!
والمفروض أنّ الحكم معلول للموضوع وما يرتبط به من قيود وشروط فيأتي الإشكال ، إلا أنّه مع ذلك يمكن دفع الإشكال على أساس أنّ الحكم المجعول ليس حكما حقيقيّا ، وإنّما هو مجرّد أمر اعتباري محض ، وما دام أمرا اعتباريّا لا حقيقة له فلا محذور في إناطته بأمر متأخّر عنه ؛ لأنّ باب التأثير والمؤثّر أو العلّة والمعلول إنّما هو بلحاظ الأمور الحقيقيّة الواقعيّة ، سواء كان عالم واقعها الخارج والتكوين أم عالم الجعل والتشريع ، وكلا هذين الأمرين منتف هنا ؛ لأنّ المجعول أمر افتراضي وهمي اعتباري لا حقيقة ولا واقعيّة له.
والوجه في ذلك أن يقال : إنّ المجعول هو نفس الجعل وليس زائدا عنه ؛ لأنّ القضيّة الشرعيّة المؤلّفة من الحكم والموضوع قضيّة واحدة ، ولكن تارة ينظر إليها على أساس الحمل الشائع وأخرى ينظر إليها بالحمل الأوّلي.
فإذا نظر إليها بالحمل الشائع سمّيت بالجعل ، وهي بهذا النظر أمر حقيقي واقعي