الشيء المتأخّر مؤثّرا في الأمر المتقدّم ، ممّا يعني تأثير المعدوم في الموجود وهو مستحيل؟
وهذا الإشكال لم ينظر إليه الجواب المتقدّم ، وإنّما اقتصر النظر على حلّ الإشكال على المستويين الأوّليّين ، أي على مستوى دخالة الشرط في الوجوب أو الواجب ، مع أنّه قد ظهر ممّا بيّناه أنّ الشرط إنّما يؤخذ في الوجوب باعتباره شرطا من شروط الاتّصاف ، وإنّما يؤخذ في الواجب باعتباره شرطا من شروط الترتّب. وعليه ، فيمكننا صياغة الإشكال على مستوى الملاك والمصلحة بلحاظ شروط الاتّصاف تارة وشروط الترتّب أخرى.
فنقول ـ مع أخذ غسل المستحاضة تارة قيدا للواجب وأخرى قيدا للوجوب ـ : إنّ غسل المستحاضة في ليلة الأحد مثلا إذا كان شرطا في ترتّب المصلحة على الصوم في نهار السبت المتقدّم ـ فيما إذا كان شرطا للواجب ـ فهذا معناه أنّ ترتّب المصلحة ـ والتي هي من الأمور التكوينيّة الواقعيّة على الصوم المتقدّم والذي انتهى ـ مشروط بالغسل المتأخّر ، فكان الغسل المتأخّر مؤثّرا في ترتّب هذه المصلحة مع كون الفعل الذي تترتّب عليه المصلحة قد تمّ وانتهى ، فيؤدّي لا محالة إلى أنّ المعدوم قد أثّر في الموجود ، أو إلى أنّ العلّة متأخّرة عن المعلول وهو غير معقول.
وهكذا فيما لو كان غسل المستحاضة المذكور شرطا في اتّصاف الفعل بالمصلحة ـ فيما إذا كان شرطا للوجوب ـ فإنّه يعني أنّ الصوم يوم السبت لا يتّصف بالمصلحة إلا بعد الغسل المتأخّر ، مع أنّ المصلحة أمر تكويني واقعي مترتّب على الصوم الذي تمّ وانتهى ، فكيف تناط المصلحة بالأمر المتأخّر؟ إذ يلزم منه أن يكون الأمر المتأخّر مؤثّرا في أصل الاتّصاف في السابق مع كونه معدوما حال الفعل ، فيلزم تأثير المعدوم في الموجود ، أو يلزم منه تأخّر العلّة عن المعلول وهو مستحيل.
ومن هنا قد يقال باستحالة الشرط المتأخّر ، ويلتزم بتأويل الموارد التي توهم ذلك ، بتحويل الشرطيّة من أمر متأخّر إلى أمر مقارن ، فيقال مثلا : إنّ الشرط في نفوذ عقد الفضول ـ على الكشف ـ ليس هو الإجازة المتأخّرة ، بل كون العقد ملحوقا بالإجازة. والشرط في صوم المستحاضة يوم السبت كونه ملحوقا بالغسل ، وهذه صفة فعليّة قائمة بالأمر المتقدّم.