هذا الترابط بينهما هو أنّ وجوب الحجّ على المستطيع مشروط بأمر متأخّر وهو مجيء يوم التاسع من ذي الحجّة مع توفّر سائر الشروط المعتبرة.
فإذا توفّرت هذه الشروط وجاء اليوم المذكور كشف ذلك عن كون الحجّ ثابتا على المكلّف من حين الاستطاعة.
وإذا اختلّت تلك الشروط كلاّ أو بعضا كشف ذلك عن عدم وجوب الحجّ عليه من أوّل الأمر ، فإذا كان الشرط المتأخّر للوجوب ممكنا كان القول بوجوب الحجّ على المستطيع المشروط بالشرط المتأخّر وهو مجيء يوم التاسع من ذي الحجّة مع توفّر سائر الشروط الأخرى ممكنا ، ممّا يعني أنّ الوجوب ثابت في السابق ولكن زمان الواجب لا يثبت إلا بعد مجيء اليوم التاسع فكان معلّقا على ذلك.
وأمّا إذا قلنا باستحالة الشرط المتأخّر للوجوب فسوف لن يكون وجوب الحجّ على المستطيع واجبا من حين حدوث الاستطاعة ، بل من حين مجيء اليوم التاسع أيضا ، فإذا حلّ اليوم التاسع وكان لا يزال مستطيعا فقد وجب عليه الحجّ من الآن ، فيتقارن وجوب الحج ، زمانا مع زمان الواجب ، وبالتالي لا يكون الواجب معلّقا.
وتظهر الثمرة بينهما في لزوم تهيئة المقدّمات من السفر والكون في الميقات والإحرام وسائر ما يرتبط بالحجّ قبل زوال اليوم التاسع من ذي الحجّة ، فإنّه على القول بإمكان الشرط المتأخّر وبالتالي إمكان الواجب المعلّق فسوف يكون المكلّف مسئولا عن تلك المقدّمات ؛ لأنّ الوجوب ثابت قبل زمان الواجب.
وأمّا على القول بالاستحالة فسوف لا يكون مسئولا عنها قبل ذلك الزمان إلا ما كان منها داخلا في عنوان المقدّمات المفوّتة كما سيأتي.
وتظهر من ناحية أخرى فيما إذا دلّ الدليل على شرطيّة شيء ـ كرضا المالك الذي دلّ الدليل على شرطيّته في نفوذ البيع ـ وتردّد الأمر بين كونه شرطا متقدّما أو متأخّرا ، فإنّه على القول بامتناع الشرط المتأخّر يتعيّن الالتزام بكونه شرطا مقارنا ، فيقال في المثال بصحّة عقد الفضولي على نحو النقل ؛ لأنّ الحمل على الشرط المتأخّر إن كان بالمعنى الحقيقي للشرط المتأخّر فهو غير معقول ، وإن كان بالتأويل فهو خلاف ظاهر الدليل ؛ لأنّ ظاهره شرطيّة نفس الرضا لا كون العقد ملحوقا به.