الرابع : أن يكون زمان الوجوب متقدّما على زمان الواجب ولكنّه يستمرّ إلى حين حلول زمان الواجب أيضا ، بمعنى أنّ حدوثه متقدّم ولكنّه مستمرّ بقاء ، وهذا ما يسمّى بالواجب المعلّق ، وقد وقع الكلام في إمكانه ووقوعه.
ومثاله ما إذا فرض أنّ وجوب صيام شهر رمضان زمانه هو ثبوت الهلال بينما زمان الصوم الواجب إنّما هو من حين طلوع الفجر ، ومثاله أيضا وجوب الحجّ فإنّه يبدأ من حين الاستطاعة في أشهر الحجّ ، ولكنّ زمان الواجب أي الإتيان بالمناسك إنّما هو اليوم التاسع من ذي الحجّة.
والحاصل : أنّه يوجد قسمان من الواجب :
أحدهما : الواجب المنجّز : وهو ما كان الواجب فعليّا عند فعليّة وجوبه.
والآخر : هو الواجب المعلّق : وهو ما كان متأخّرا زمانا عن زمان فعليّة وجوبه حدوثا ، وإن كان يعاصره ويقارنه بقاء.
وقد ذهب جملة من الأصوليّين كصاحب ( الفصول ) (١) إلى إمكان ذلك ، وسمّي هذا النحو من الوجوب بالمعلّق تمييزا له عن الوجوب المشروط ، فكلّ منهما ليس ناجزا بتمام المعنى ، غير أنّ ذلك في المشروط ينشأ من إناطة الوجوب بشرط ، وفي المعلّق من عدم مجيء زمان الواجب.
أوّل من قال بفكرة الواجب المعلّق وإمكانه هو صاحب ( الفصول ) ، حيث قسّم الواجب إلى أقسام ثلاثة :
١ ـ أن يكون القيد راجعا إلى الوجوب فيكون الوجوب مشروطا ، وهو ما يسمّى بالواجب المشروط ، وقد تقدّم بيانه سابقا.
٢ ـ أن يكون القيد راجعا للواجب بنحو يجب تحصيله عند فعليّة الوجوب ، وهو ما يسمّى بالواجب المنجّز ، كما في قيد الطهارة الراجع إلى الصلاة ، فإنّه يصبح فعليّا عند فعليّة الوجوب أي عند زوال الشمس مثلا.
٣ ـ أن يكون القيد راجعا للواجب ولكن لا يجب تحصيله ، إمّا لكونه غير اختياري للمكلّف ، وإمّا لأنّ التقييد به هو أنّه إذا حصل هذا القيد فيكون الواجب فعليّا ، وهذا ما يسمّى بالواجب المعلّق.
__________________
(١) الفصول : ٧٩.