بالوجوب مثلا في موضوع الحكم بالوجوب أيضا ، ولكن لا الوجوب السابق بل وجوب آخر مماثل للوجوب السابق ؛ إذ لو كان هو نفسه لصار نفس الحالة الأولى ، كما إذا قيل : ( إذا علمت بوجوب الصلاة فقد وجبت عليك بوجوب آخر مماثل للوجوب الأوّل لا نفسه ).
ورابعا : أن يؤخذ العلم بالحكم في موضوع حكم آخر مخالف لموضوع الحكم الأوّل ، فالمخالفة هنا صفة للموضوع لا للحكم ، بمعنى أنّ الموضوعين مختلفان لا نفس الحكم فقط مع وحدة موضوعهما ، وإلا لصار نفس الصورة الثانية.
ومثاله : كما إذا قيل : ( إذا علمت بوجوب الصلاة فقد وجب عليك التصدّق على الفقير ، أو إذا علمت بوجوب الجهاد عليك فقد حرم عليك الفرار ) ، وهذه الصورة لا إشكال في إمكانها ووقوعها أيضا.
وإنّما الكلام وقع في الصور الثلاث الباقية.
أمّا الافتراض الأوّل فقد يبرهن على استحالته بأدائه للدور ، إذ يتوقّف كلّ من الحكم والعلم به على الآخر.
وقد يجاب بأنّه لا دور ؛ لأنّ الحكم وإن كان متوقّفا على القطع لأنّه مأخوذ في موضوعه إلا أنّ القطع بالحكم لا يتوقّف على ثبوت الحكم.
الحالة الأولى : أن يؤخذ العلم بالحكم في موضوع نفس هذا الحكم ، كما إذا قيل : ( تجب الصلاة جهرا على من يعلم بوجوب الجهر ). وفي هذه الحالة يقال بالاستحالة للدور.
وتقريبه : إنّ طبيعة العلاقة بين الحكم وموضوعه كالعلاقة بين السبب والمسبّب ، فالحكم مسبّب عن الموضوع بمعنى أنّ الحكم لا يوجد إلا إذا تحقّق موضوعه مع سائر القيود والشروط المأخوذة في موضوعه.
وعليه ، فإذا كان من جملة قيود الموضوع العلم بالحكم فهذا يفترض أنّ الحكم ثابت في رتبة سابقة ليعلم به ؛ لأنّ العلم لا بدّ أن يتعلّق بشيء موجود ولو في الذهن ، ممّا يعني أنّ الحكم قد فرغ عنه وافترض ثبوته مسبقا في مرحلة سابقة عن ثبوت الموضوع ، والحال أنّ الواقع يفترض أنّ الحكم متأخّر عن الموضوع ؛ لأنّه مسبّب عنه ،