في ذلك ؛ لأنّه ليس دخيلا في الموضوع وإنّما هو دخيل في المتعلّق فقط ، وحينئذ لا يكون الأمر موقوفا على قصد امتثال الأمر في الخارج ، وإن كان موقوفا عليه في عالم الجعل واللحاظ الذهني كما سنبيّن.
وقصد امتثال الأمر موقوف على فعليّة الأمر في الخارج فهو متأخّر عنه ولكنّه متقدّم عليه في عالم الجعل واللحاظ ، وهذا لا مانع منه.
والوجه في ذلك : هو أنّ الحكم أو الأمر في عالم الجعل لا بدّ أن يكون متأخّرا عن تصوّر موضوعه ومتعلّقه ، وكلّ ما له دخل فيهما ، بمعنى أنّ كلّ هذه الأمور تفترض مقدّرة الوجود وتلحظ في رتبة سابقة عن الأمر ، فوجودها الذهني اللحاظي في عالم الجعل متقدّم على الأمر ، ولكن فعليّة الأمر في الخارج موقوفة على فعليّة الموضوع فقط في الخارج لا على وجود المتعلّق.
فإذا تحقّق الموضوع في الخارج كان الأمر فعليّا وهو بذلك يدعو إلى إيجاد متعلّقه ، فالمتعلّق متأخّر في وجوده عن الأمر الفعلي في عالم المجعول وإن كان متقدّما عليه في عالم الجعل ، ولكن المتقدّم هو لحاظ ومفهوم المتعلّق وما له دخل في المتعلّق كقصد امتثال الأمر ، وما هو المتأخّر هو وجود المتعلّق في الخارج وما له دخل فيه كالقيد المذكور ، فيكون قصد الامتثال بوجوده الذهني متقدّما ؛ لأنّه دخيل في المتعلّق وهو لا بدّ من فرض وجوده حين جعل الأمر ، ويكون بوجوده الخارجي متأخّرا عن فعليّة الأمر ؛ لأنّ الأمر الفعلي يدعو إلى إيجاد متعلّقه وكلّ ما له دخل في المتعلّق.
وعلى أساس هذه التفرقة بين الموضوع والمتعلّق من جهة وبين الجعل والمجعول من جهة أخرى ، يتّضح لنا حال هذا البرهان المبني على هذه المغالطة والاشتباه.
الثاني : أنّ قصد امتثال الأمر عبارة عن محرّكيّة الأمر ، والأمر لا يحرّك إلا نحو متعلّقه ، فلو كان نفس القصد المذكور داخلا في المتعلّق لأدّى إلى أنّ الأمر يحرّك نحو نفس هذه المحرّكيّة ، وهذا مستحيل.
وببيان آخر : أنّ المكلّف لا يمكنه أن يقصد امتثال الأمر إلا بالإتيان بما تعلّق به ذلك الأمر ، فإن كان القصد المذكور دخيلا في المتعلّق فهذا يعني أنّ الأمر لم يتعلّق بذات الفعل ، فلا يمكن للمكلّف أن يقصد الامتثال بذات الفعل.
وإن شئت قلت : إنّ قصد امتثال الأمر بفعل يتوقّف على أن يكون مصداقا