ذهب البعض إلى أنّه يشمل كلا القسمين ؛ وذلك لأنّ ملاك الوجوب الغيري موجود في القسمين على حدّ سواء ؛ لأنّ الوجوب الغيري كان ملاكه المقدّميّة والتوقّف ، فكلّ ما يكون مقدّمة لشيء وما يكون الشيء متوقّفا عليه فهو واجد لملاك الوجوب الغيري فيتّصف به ، فالصلاة مثلا كما تتوقّف على الزوال والطهارة كذلك تتوقّف على القراءة والركوع والسجود ، وكما تكون الطهارة والزوال مقدّمة للصلاة كذلك تكون القراءة والركوع والسجود مقدّمة لوجود الصلاة.
والحاصل : أنّ الواجب كما يتوقّف في وجوده على المقدّمات الخارجيّة كذلك يتوقّف وجوده فيما إذا كان مركّبا من أجزاء على وجود أجزائه ؛ إذ يستحيل وجود المركّب من دون أجزائه.
وذهب البعض الآخر إلى عدم الشمول واختصاص الوجوب الغيري بالمقدّمة الخارجيّة فقط دون الداخليّة ، واستدلّوا على ذلك بوجهين ، ولذلك قال السيّد الشهيد :
ويقال في مقابل ذلك بالاختصاص ونفي الوجوب الغيري عن الجزء ، إمّا لعدم المقتضي له أو لوجود المانع.
وبيان عدم المقتضي أن يقال : إنّ التوقّف والمقدّميّة يستبطن المغايرة بين المتوقّف والمتوقّف عليه ؛ لاستحالة توقّف الشيء على نفسه ، والجزء ليس مغايرا للمركّب في الوجود الخارجي ، فلا معنى لاتّصافه بالوجوب الغيري.
وبيان المانع بعد افتراض المقتضي أن يقال : إنّ الجزء متّصف بالوجوب النفسي الضمني ، فلو اتّصف بالوجوب الغيري لزم اجتماع المثلين.
وأمّا القول الآخر الذي ذهب إلى اختصاص الوجوب الغيري بالمقدّمة الخارجيّة ، وعدم شموله للمقدّمة الداخليّة ، فقد استدلّ عليه بوجهين :
أحدهما : عدم وجود المقتضي للاتّصاف بالوجوب الغيري ، وبيانه أن يقال :
إنّ الوجوب الغيري ملاكه التوقّف والمقدّميّة ، ولكن هذا العنوان يستبطن المغايرة بين المتوقّف والمتوقّف عليه أو بين المقدّمة وذي المقدّمة ؛ لوضوح أنّ الشيء يستحيل أن يتوقّف على نفسه ، أو أن يكون مقدّمة لنفسه للزوم الدور أو التهافت أو التقدّم والتأخّر والكلّ مستحيل. وعليه ، فإذا كانت المقدّمة مغايرة لذيها كان المقتضي لاتّصافها