كان عالما فقيرا ، فإنّ إكرامه يشتدّ ويتأكّد ، ولا يلزم من ذلك اجتماع المثلين ؛ لصيرورة الوجوبين وجوبا واحدا.
ويرد على ذلك بأنّ التأكّد والتوحّد يشترط فيهما أن يكون كلا الأمرين والوجوبين في عرض واحد ، بمعنى ألاّ يكون أحدهما في طول الآخر ومتأخّرا عنه في الرتبة ومتولّدا منه ؛ لأنّه إذا كان كذلك فلن يحصل التوحّد والتأكّد بينهما لفرض اختلاف الرتبة بينهما.
وفي المقام يقال بأنّ الوجوب الغيري معلول للوجوب النفسي وفي طوله ، ولذلك يستحيل أن يتوحّد معه في الوجود أو أن يكون أحدهما مؤكّدا للآخر ؛ لاستحالة التوحّد بين العلّة والمعلول في الوجود ؛ لأنّه لا يمكن أن تكون العلّة هي نفس المعلول في الوجود.
التقسيم الثاني : تقسيم المقدّمة إلى مقدّمة واجب ومقدّمة وجوب.
ولا شكّ في أنّ المقدّمة الوجوبيّة كما لا يكون المكلّف مسئولا عنها من قبل ذلك الوجوب على ما تقدّم ، كذلك لا يتعلّق الوجوب الغيري بها ؛ لأنّه إمّا معلول للوجوب النفسي أو معه ، فلا يعقل ثبوته إلا في فرض ثبوت الوجوب النفسي ، وفرض ثبوت الوجوب النفسي يعني أنّ مقدّمات الوجوب قد تمّت ووجدت فلا معنى لإيجابها.
التقسيم الثاني : تنقسم المقدّمة إلى مقدّمة وجوب ومقدّمة واجب.
فمقدّمة الوجوب من قبيل الاستطاعة بالنسبة لوجوب الحجّ والزوال لوجوب الصلاة ، ومقدّمة الواجب من قبيل السفر إلى الميقات للإتيان بالمناسك ، وهنا يفصّل فيقال : إنّ مقدّمة الوجوب لا تتّصف بالوجوب الغيري بينما مقدّمة الواجب تتّصف به.
أمّا عدم اتّصاف مقدّمة الوجوب بالوجوب الغيري ؛ فلأنّ مقدّمة الوجوب لا يكون المكلّف مسئولا عن إيجادها وتحصيلها قبل ثبوت الوجوب ؛ لأنّه لا محرّك ولا داعي نحو إيجادها من قبل الوجوب النفسي ؛ لأنّه موقوف عليها لأنّها دخيلة في موضوعه ، والوجوب لا يدعو إلى تحقيق موضوعه ؛ لأنّه في طول وجوده في عالم الفعليّة والمجعول وفي طول لحاظه وتصوّره في عالم الجعل والتشريع.
وعليه ، فكما أنّ المقدّمة الوجوبيّة لا تكون واجبة بالوجوب النفسي فكذلك لا