ويثبت حينئذ اختصاص الوجوب بها أيضا تبعا للغرض.
وفي المسألة قولان ، فقد ذهب صاحب ( الكفاية ) (١) وجماعة (٢) إلى الأوّل ، وذهب صاحب ( الفصول ) (٣) وجماعة إلى الثاني.
قد يقال : إنّ تعلّق الوجوب الغيري بالمقدّمة الموصلة أو بطبيعي المقدّمة مرتبط بالملاك والغرض الذي من أجله جعل الوجوب الغيري على المقدّمة ، فإنّ تحديد الملاك والغرض هو الضابط والملاك الذي على أساسه يتحدّد ما هو متعلّق الوجوب الغيري ، وهنا يوجد احتمالان في تعيين هذا الملاك ، وعلى أساس كلّ احتمال يبتني القول بوجوب مطلق المقدّمة أو خصوص المقدّمة الموصلة فقط ، والاحتمالان هما :
الاحتمال الأوّل : أن يكون الغرض والملاك من جعل الوجوب الغيري على المقدّمة هو التمكّن من الإتيان بالواجب ؛ لأنّه من دون هذه المقدّمة سوف لن يتمكّن المكلّف من الإتيان بالواجب النفسي ، فإن كان هذا هو الملاك والغرض فهذا لازمه أن يكون مطلق المقدّمة هو الواجب لا خصوص المقدّمة الموصلة ؛ لأنّ جعل الإيجاب على مطلق المقدّمة يجعل المكلّف متمكّنا من الإتيان بالواجب النفسي.
الاحتمال الثاني : أن يكون الغرض والملاك من جعل الوجوب الغيري على المقدّمة هو حصول وترتّب الواجب النفسي على المقدّمة ؛ لأنّه إذا لم يتوصّل بالمقدّمة إلى الواجب النفسي أو لم يترتّب الواجب النفسي على المقدّمة فيكون جعل الإيجاب على المقدّمة لغوا ولا فائدة منه ، وهذا لازمه أن يكون الوجوب الغيري متعلّقا بالمقدّمة الموصلة فقط دون غيرها ؛ لأنّ الواجب النفسي إنّما يحصل ويترتّب فيما إذا كانت المقدّمة موصلة إليه فقط.
ولذلك ذهب صاحب ( الكفاية ) وجماعة إلى تعيين الاحتمال الأوّل ، بينما ذهب صاحب ( الفصول ) وجماعة إلى تعيين الاحتمال الثاني ، ولكلّ من القولين أدلّته.
ويمكن أن يبرهن على الأوّل بأنّ الوجوب الغيري لو كان متعلّقا بالحصّة الموصلة إلى الواجب النفسي خاصّة لزم أن يكون الواجب النفسي قيدا في متعلّق
__________________
(١) كفاية الأصول : ١٤٢.
(٢) منهم المحقّق النائيني في فوائد الأصول ١ : ٢٨٦ ، وأجود التقريرات ١ : ٢٣٧.
(٣) الفصول الغروية : ٨٦.