الثانية : أن يفرض أنّ الأمر الاضطراري ثابت بمجرّد طروّ العذر ولا يشترط فيه استمرار العذر إلى آخر الوقت ، فهنا إذا صلّى المكلّف في أوّل الوقت ثمّ ارتفع عذره في الأثناء أو بعد الوقت ، فهل يجزيه ما أتى به أم لا بدّ من الإعادة أو القضاء؟
ثمّ هل يجوز له البدار إلى امتثال الأمر الاضطراري ، أم يجب عليه الانتظار إلى آخر الوقت ، أو إلى حين اليأس من البرء من العذر؟
وسوف نتناول كلّ واحدة من هاتين الحالتين مع التفصيل بقدر الإمكان بين الشقوق الواردة في كلّ منهما.
ولنبدأ بالثاني فنقول : إذا بادر المريض فصلّى جالسا في أوّل الوقت ثمّ ارتفع العذر في أثناء الوقت ، فلا تجب عليه الإعادة.
والبرهان على ذلك : أنّ المفروض أنّ الصلاة من جلوس التي وقعت منه في أوّل الوقت كانت مصداقا للواجب بالأمر الاضطراري.
وحينئذ نتساءل : أنّ وجوبها هل هو تعييني أو تخييري؟
والجواب : هو أنّه تخييري ، ولا يحتمل أن يكون تعيينيّا ؛ لوضوح أنّ هذا المريض كان بإمكانه أن يؤخّر صلاته إلى آخر الوقت فيصلّي عن قيام.
وإذا كان وجوبها تخييريّا فهذا يعني وجود عدلين وبديلين يخيّر المكلّف بينهما.
الحالة الثانية : وهي ما إذا كان الأمر الاضطراري ثابتا بمجرّد طروّ العذر.
فهنا إذا أخّر الصلاة إلى آخر الوقت فصلّى الصلاة الاضطراريّة فلا إشكال في الإجزاء ، وإنّما الكلام فيما لو بادر إلى الصلاة الاضطراريّة في أوّل الوقت ـ بناء على جواز البدار ـ ثمّ ارتفع عذره في أثناء الوقت ، فهل تجب عليه الإعادة أو أنّها تجزي عن الصلاة الاختياريّة؟
والجواب عن ذلك : أنّها تجزي ولا تجب الإعادة ، والدليل على ذلك هو ما ذكره الميرزا من برهان حيث قال : إنّ الصلاة الاضطراريّة لا تخلو من أحد احتمالات أربعة :
١ ـ أن تكون وافية بتمام الغرض والملاك ، فهنا لا إشكال في الإجزاء ؛ لأنّ الإجزاء له ملاكان : أحدهما الإتيان بالمأمور به ، والآخر تحقيق الملاك ولو عن طريق آخر غير ما تعلّق به الأمر الاختياري.